و قوله «وَ يَستَخلِفُ رَبِّي قَوماً غَيرَكُم» فالاستخلاف جعل الثاني بدل الاول يقوم مقامه فيما کان عليه الاول، فلما كانوا قد كلفوا، فلم يجيبوا، جعل الثاني بدلًا منهم في التكليف.
و قوله «وَ لا تَضُرُّونَهُ شَيئاً» معناه انه إذا استخلف غيركم، لا تقدرون له علي ضر و لا نفع. و قيل ان معناه لا ينقصه هلاككم شيئاً، لأنه يجل عن الحاق المنافع و المضار به.
و قوله «إِنَّ رَبِّي عَلي كُلِّ شَيءٍ حَفِيظٌ» لأعمال العباد حتي يجازيهم عليها.
و قيل معناه يحفظني من ان تنالوني بسوء.
وَ لَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا هُوداً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَ نَجَّيناهُم مِن عَذابٍ غَلِيظٍ (58)
آية.
المعني و لما جاء أمرنا بهلاك عاد، و دلائله «نَجَّينا هُوداً، وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَ نَجَّيناهُم مِن عَذابٍ غَلِيظٍ» يعني من عذاب الدنيا و الآخرة فسلموا من الامرين.
و النجاة السلامة من الهلاك، و قد تكون السلامة من اصابة الم ما، و الرحمة قد تكون مستحقة بدلالة قوله «و نجيناهم برحمة منا» و يجوز ان يکون المراد بما أريناهم من الهدي و البيان ألذي هو رحمة. و الرحمة مستحقه بالوعد و حسن التدبير في الفصل بين الولي و العدو. و الغليظ عظيم الجثة و الكثيفة، و انما وصف به العذاب لأنه بمنزلته في الثقل علي النفس و طول المكث.