و قيل انما سمي جزاء المكر مكراً، لأنهم إذا نالهم العذاب علي مكرهم بحيث لا يحتسبونه و لا يتوقعونه فكأنه مكربهم.
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُم فِي البَرِّ وَ البَحرِ حَتّي إِذا كُنتُم فِي الفُلكِ وَ جَرَينَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَ فَرِحُوا بِها جاءَتها رِيحٌ عاصِفٌ وَ جاءَهُمُ المَوجُ مِن كُلِّ مَكانٍ وَ ظَنُّوا أَنَّهُم أُحِيطَ بِهِم دَعَوُا اللّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِن أَنجَيتَنا مِن هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ (22)
قرأ إبن عامر و ابو جعفر «ينشركم» بالنون و الشين من النشر. الباقون بالياء و السين و تشديد الياء من التسيير. قال ابو علي: حجة إبن عامر أن (ينشركم) مثل قوله «وَ بَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً»[1] فالبث تفريق و نشر. و حجة الباقين قوله «قُل سِيرُوا فِي الأَرضِ»[2] «فَامشُوا فِي مَناكِبِها»[3] فالمعنيان متقاربان.
امتن اللّه علي خلقه في هذه الآية و عدد نعمه الّتي يفعلها بهم في کل حال، فقال «هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُم فِي البَرِّ وَ البَحرِ» و تسييره إياهم اما في البحر، فلأنه بالريح و اللّه المحرك لها دون غيره، فلذلك نسبه الي نفسه، و اما في البر فلأنه كائن باقداره و تمكينه و تسبيبه، فلذلك نسبه الي نفسه. و التسيير التحريك في جهة تمتد كالسير الممدود، و البر الإرض الواسعة الّتي تقطع من بلد الي بلد، و منه البرّ لاتساع الخير به