تقدير الكلام و تاب اللّه علي الثلاثة الّذين خلفوا. و قيل نزلت هذه الاية بسبب الثلاثة الّذين تخلفوا عن غزاة تبوك و لم يخرجوا مع النبي صلي الله عليه و آله لا عن نفاق، لكن عن توان، ثم ندموا، فلما ورد النبي صلي الله عليه و آله جاءوا اعتذروا، فلم يكلمهم النبي صلي الله عليه و آله و تقدم الي المسلمين بأن لا يكلمهم أحد منهم فهجرهم النّاس حتي الصبيان و أهاليهم و جاءت نساؤهم الي رسول اللّه صلي الله عليه و آله تعتزلهم، فقال: لا و لكن لا يقربونكن فضاقت عليهم المدينة، فخرجوا الي رؤس الجبال، فكان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام و يتركونه لهم و لا يكلمونهم، فقال بعضهم لبعض: قد هجرنا النّاس و لا يكلمنا أحد، فهلا نتهاجر نحن ايضاً، فتفرقوا و لم يجتمع منهم اثنان، و ثبتوا علي ذلک نيفاً و أربعين يوماً. و قيل سنة يضرعون الي اللّه تعالي و يتوبون اليه، فقبل اللّه تعالي حينئذ توبتهم، و انزل فيهم هذه الاية و الثلاثة هم كعب بن مالك و هلال بن امية و فزارة بن ربيعة، و كلهم من الأنصار- في قول إبن عباس و مجاهد و قتادة و جابر- و التخليف تأخير الشيء عمن مضي، فأما تأخير الشيء عنك في المكان، فليس بتخليف، و هو من الخلف ألذي هو مقابل لجهة الوجه. و قال مجاهد: خلفوا عن قبول التوبة بعد قبول توبة من قبل توبته من المنافقين، کما قال تعالي فيما مضي «وَ آخَرُونَ مُرجَونَ لِأَمرِ اللّهِ إِمّا يُعَذِّبُهُم وَ إِمّا يَتُوبُ عَلَيهِم»[1] و قال قتادة «خلفوا» عن غزوة تبوك کما تخلفوا هم. و به قال الحسن. و في قراءة اهل البيت عليهم السلام «خالفوا» قالوا لأنهم لو خلفوا لما توجه عليهم العتب.
و قوله «حَتّي إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت» فالضيق ضد السعة و منه ضيق الصدر، خلاف اتساعه بالهم ألذي يحدث فيه فيشغله عن غيره، و ليس كذلك