اللّه‌ لغني‌ عما أتي‌ ‌به‌، فأنزل‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌الآية‌ ‌فقال‌ «الَّذِين‌َ يَلمِزُون‌َ المُطَّوِّعِين‌َ» ‌ أي ‌ ينسبونهم‌ ‌الي‌ النقص‌ ‌في‌ النفس‌ يقولون‌: لمزه‌ يلمز لمزاً ‌إذا‌ انتقصه‌ و عابه‌ و المطوعين‌ ‌علي‌ وزن‌ (المتفعلين‌) و تقديره‌ المتطوعين‌، فأدغمت‌ التاء ‌في‌ الطاء، و معناه‌ المتقلين‌ ‌من‌ طاعة اللّه‌ ‌بما‌ ليس‌ بواجب‌ ‌عليهم‌، لأن‌ الخير ‌قد‌ ‌يکون‌ واجباً و ‌قد‌ ‌يکون‌ ندباً و ‌قد‌ ‌يکون‌ مباحاً و ‌لا‌ يستحق‌ المدح‌ الا ‌علي‌ الواجب‌ و الندب‌ دون‌ المباح‌، و ‌قوله‌ «وَ الَّذِين‌َ لا يَجِدُون‌َ إِلّا جُهدَهُم‌» و الجهد ‌هو‌ الحمل‌ ‌علي‌ النفس‌ ‌بما‌ يشق‌ تقول‌:

جهده‌ يجهده‌ جهداً و جهداً‌-‌ بالضم‌ و الفتح‌-‌ كالوجد و الوجد و الضعف‌ و الضعف‌. و ‌قال‌ الشعبي‌: الجهد ‌في‌ العمل‌ و الجهد ‌في‌ القوت‌. و ‌قوله‌ «فَيَسخَرُون‌َ مِنهُم‌» يعني‌ المنافقين‌ يهزءون‌ بالمطوعين‌ «سَخِرَ اللّه‌ُ مِنهُم‌» اي‌ يجازيهم‌ ‌علي‌ سخريتهم‌ بأنواع‌ العذاب‌ «وَ لَهُم‌ عَذاب‌ٌ أَلِيم‌ٌ» اي‌ مؤلم‌ موجع‌، و ‌لما‌ ‌کان‌ ضرر سخريتهم‌ عائداً ‌عليهم‌ جاز ‌ان‌ يقال‌ «سَخِرَ اللّه‌ُ مِنهُم‌» ‌لا‌ انه‌ يفعل‌ السخرية.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ التوبة (9): آية 80]

استَغفِر لَهُم‌ أَو لا تَستَغفِر لَهُم‌ إِن‌ تَستَغفِر لَهُم‌ سَبعِين‌َ مَرَّةً فَلَن‌ يَغفِرَ اللّه‌ُ لَهُم‌ ذلِك‌َ بِأَنَّهُم‌ كَفَرُوا بِاللّه‌ِ وَ رَسُولِه‌ِ وَ اللّه‌ُ لا يَهدِي‌ القَوم‌َ الفاسِقِين‌َ (80)

‌قوله‌ «استَغفِر لَهُم‌» صيغته‌ صيغة الأمر و المراد ‌به‌ المبالغة ‌في‌ الأياس‌ ‌من‌ المغفرة انه‌ ‌لو‌ طلبها طلبة المأمور بها ‌أو‌ تركها ترك‌ المنهي‌ عنها لكان‌ ‌ذلک‌ سواء ‌في‌ ‌ان‌ اللّه‌ ‌لا‌ يفعلها، ‌کما‌ ‌قال‌ ‌في‌ موضع‌ آخر «سَواءٌ عَلَيهِم‌ أَستَغفَرت‌َ لَهُم‌ أَم‌ لَم‌ تَستَغفِر لَهُم‌ لَن‌ يَغفِرَ اللّه‌ُ لَهُم‌»[1]. و الاستغفار طلب‌ المغفرة ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ بالدعاء بها و المغفرة ستر المعصية برفع‌ العقوبة عليها. و تعليق‌ الاستغفار بالسبعين‌ مرة، و المراد