هذا خطاب من اللّه تعالي لنبيه محمّد صلي الله عليه و آله يقول له: يكفيك ان يکون ناصرك علي أعدائك اللّه تعالي، و الّذين اتبعوك من المؤمنين من المهاجرين و الأنصار، و انما كرر قوله «حسبك» مع انه قد ذكر فيما قبل، لأن المعني هناك إن أرادوا اخداعك كفاك اللّه أمرهم. و ها هنا معناه عام في کل ما يحتاج فيه الي كفاية اللّه إياه. و قوله «وَ مَنِ اتَّبَعَكَ» يحتمل اعرابه وجهين:
أحدهما- ان يکون نصباً. و المعني و يكفي من اتبعك علي التأويل، لأن الكاف في موضع خفض بالاضافة لكنه مفعول به في المعني، فعطف علي المعني، و ليس ذلک بكثير. و أجاز الفراء الرفع لقوله «إِن يَكُن مِنكُم عِشرُونَ صابِرُونَ يَغلِبُوا مِائَتَينِ» و مثله قوله «إِنّا مُنَجُّوكَ وَ أَهلَكَ»[1] و قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء و انشقت العصا فحسبك و الضحاك سيف مهند[2]
و هو معني قول الشعبي و إبن زيد. و قال الحسن: هو عطف علي اسم اللّه، فيكون رفعاً. و الكسائي، و الفراء، و الزجاج أجازوا الوجهين و حمل عليهما معاً ابو علي الجبائي. و الاتباع موافقة الداعي فيما يدعوا اليه من اجل دعائه.
و المؤمنون يوافقون النبي صلي الله عليه و آله في کل ما دعا اليه. و قال الواقدي: نزلت هذه الاية في بني قريظة و بني النضير لما قالوا له: نحن نسلم و نتبعك.