آية بلا خلاف.
في هذه الآية اخبار منه تعالي أن الكفار قد كذَّبوا بالحق ألذي أتاهم به محمّد (ص) لما جاءهم بالقرآن، و سائر أمور الدين، و انه سوف يأتيهم خبر العذاب ألذي ينزله بهم عقوبة علي كفرهم، و هذا العذاب هو ألذي كانوا به يستهزؤن: بأخبار رسول اللّه إياهم به و بنزوله بهم.
فبين أن ذلک سيحل بهم و سيقفون علي صحته. و دل ذلک علي أنهم كانوا يستهزؤن، و ان کان لم يذكره هاهنا و ذكره في موضع آخر. و مثل ذلک قول القائل للجاني عليه: سيعلم عملك. و انما يريد ستجازي علي عملك.
و قال الزجاج: معني «أَنباءُ ما كانُوا بِهِ يَستَهزِؤُنَ» أي تأويله. و المعني سيعلمون ما يؤل اليه استهزاؤهم.
أَ لَم يَرَوا كَم أَهلَكنا مِن قَبلِهِم مِن قَرنٍ مَكَّنّاهُم فِي الأَرضِ ما لَم نُمَكِّن لَكُم وَ أَرسَلنَا السَّماءَ عَلَيهِم مِدراراً وَ جَعَلنَا الأَنهارَ تَجرِي مِن تَحتِهِم فَأَهلَكناهُم بِذُنُوبِهِم وَ أَنشَأنا مِن بَعدِهِم قَرناً آخَرِينَ (6)
قوله «أَ لَم يَرَوا» خطاب للغائب و تقديره ألم ير هؤلاء الكفار: ألم يعلموا كم أهلكنا من قبلهم من قرن. ثم قال «مَكَّنّاهُم فِي الأَرضِ ما لَم نُمَكِّن لَكُم» فخاطب خطاب المواجه، فكأنه اخبر النبي (ص) ثم خاطبه معهم، کما قال:
«حَتّي إِذا كُنتُم فِي الفُلكِ وَ جَرَينَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ»[1] فذكر لفظ الغائب بعد