و ألقي عليه النعاس، فضرب أحدهما علي الآخر فانكسرا، فأوحي اللّه تعالي اليه أن لو جاز عليه تعالي النوم لاضطراب أمر العالم، کما اضطرب القدحان في مدة حتي تكسرا.
الثاني- عن هذا السؤال أنه إنما يجوز أن يسأل اللّه ما يمكن أن يعلم صحته بالسمع، و ما يکون الشك فيه لا يمنع من العلم بصحة السمع، و إنما يمنع من ذلک سؤال الرؤية الّتي تقتضي الجسمية و التشبيه، لأن الشك في الرؤية الّتي لا تقتضي التشبيه مثل الشك في رؤية الضمائر و الاعتقادات، و ما لا يجوز عليه الرؤية، و ليس كذلك الشك في كونه جسماً أو ما يتبع كونه جسماً من الصعود و النزول، لأن مع الشك في كونه جسماً، لا يصح العلم بصحة السمع من حيث أن الجسم لا يجوز أن يکون غنياً و لا عالماً بجميع المعلومات، و كلاهما لا بد فيه من العلم بصحة السمع، فلذلك جاز أن يسأل الرؤية الّتي لا توجب التشبيه و لم يجز أن يسأل كونه جسماً، و ما أشبهه.
و الجواب الثاني- في أصل المسألة: أنه سأل العلم الضروري ألذي يحصل في الآخرة، و لا يکون في الدنيا ليزول عنه الخواطر و الشبهات، و الرؤية تكون بمعني العلم، کما تكون الإدراك بالبصر، کما قال «أَ لَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفِيلِ»[1] و أمثاله. و للأنبياء أن يسألوا ما يزول عنهم الوساوس و الخواطر، کما سأل ابراهيم ربه «فقال رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحيِ المَوتي»[2] غير أنه سأل ما يطمئن قلبه الي ذلک و تزول عنه الخواطر و الوساوس، فبين اللّه تعالي له أن ذلک لا يکون في الدنيا.
الثالث- أنه سأل آية من آيات الساعة الّتي يعلم معها العلم ألذي لا يختلج فيه الشك کما يعلم في الآخرة و هذا قريب من الثاني.
و قال الحسن و الربيع و السدي: إنه سأل الرؤية بالبصر علي غير وجه التشبيه.