اخبر اللّه تعالي عن اهل القري الّتي ذكرها و قص خبرها و أشار ب «تلك» اليها، لأنه خاطب النبي (ص). و قوله «نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنبائِها» يعني قصص انباء القري ما فيه من الاعتبار بما كانوا عليه من الاغترار بطول الامهال مع إسباغ النعم و تظاهر المنن حتي توهموا أنهم علي صواب فيما دعاهم اليه الشيطان من قبح الطغيان.
و القصص اتباع الحديث، و يقال فلان يقص الأثر أي يتبعه و منه «قالَت لِأُختِهِ قُصِّيهِ»[1] أي اتبعي اثره، و منه المقص لأنه يتبع في القطع أثر القطع. و (النبأ) هو الخبر الا ان النبأ خبر عن امر عظيم الشأن و أخذ منه اسم نبي، و يقال: أنبأ بكذا بمعني اخبر به.
و قوله «وَ لَقَد جاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّناتِ» يعني أتتهم رسلهم بالآيات و الدلالات، و انما أضاف الرسل اليهم مع أنهم رسل اللّه، لان الاختصاص فيها علي طريقة الملك إذ المرسل مالك لرسالته، و قد ملك العباد الانتفاع بها و الاهتداء بما فيها من البيان و البرهان.