و هذا مقدور و ليس كذلك (لو) لأنها قد تدخل علي ما لا يمكن ان يکون كقولك: لو کان الجسم قديما لاستغني عن صانع. و فتحت (أن) بعد (لو) لأنها مبنية علي شبه التعليل اللفظي لاختصاصه بالفعل الماضي، فكأنه قيل لو کان أن اهل القري آمنوا، و صارت (لو) خلفا منه. و اما (لو لا انه خارج لاتيته) فتشبه (لو) من جهة تعليق الثاني بالأول فأجريت مجراها.
يقول اللّه تعالي «لو ان اهل» هذه «القري» الّتي أهلكناها: من قوم لوط و صالح، و شعيب و غيرهم أقروا بوحدانيتي و صدقوا رسلي «لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ» و هي الخيرات النامية، و أصله الثبوت فنموُّ الخير يکون كناية عن ثبوته بدوامه، فبركات السماء بالقطر، و بركات الإرض بالنبات و الثمار، کما وعد نوح بذلك أمته، فقال «يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدراراً ...[1] «وَ لكِن كَذَّبُوا» يعني كذبوا برسلي فأخذناهم بما كانوا يكسبون من المعاصي و مخالفتي.
و الكسب العمل ألذي يجتلب به نفع او يدفع به ضرر عن النفس، و قد يكسب الطاعة و يكسب المعصية إذا اجتلب النفع من وجه يقبح.
قال البلخي: و في الآية دلالة علي أن المقتول ظلما لو لم يقتل لم تجب إماتته، لأنه تعالي قال «لَو أَنَّ أَهلَ القُري آمَنُوا وَ اتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الأَرضِ» و هذا انما يقوله لقوم أهلكهم و دمر عليهم، و قد کان عالما بما ينزل بهم من الهلاك، فأخبر أنهم لو آمنوا لم يفعل بهم ذلک، و لعاشوا حتي ينزل عليهم بركات من السماء فيتمتعوا بذلك.
أَ فَأَمِنَ أَهلُ القُري أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتاً وَ هُم نائِمُونَ (97) أَ وَ أَمِنَ أَهلُ القُري أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًي وَ هُم يَلعَبُونَ (98)