خيانتهم، و لا خلاف أن الشاهد لا يلزمه اليمين إلا أن يكونا شاهدين علي وصية مستندة اليهما فيلزمهما اليمين لأنهما مدعيان. و قوله «لا نَشتَرِي بِهِ ثَمَناً» لا نشتري جواب ما يقتضيه قوله «فيقسمان» لان (أقسم) و نحوه يتلقي بما تتلقي به الايمان. و معني قوله «لا نَشتَرِي بِهِ ثَمَناً» لا نشتري بتحريف شهادتنا ثمنا، فحذف المضاف و ذكر الشهادة، لأن الشهادة قول کما قال «وَ إِذا حَضَرَ القِسمَةَ أُولُوا القُربي ...» ثم قال «فَارزُقُوهُم مِنهُ»[1] لما كانت القسمة يراد بها المقسوم، ألا تري ان القسمة الّتي هي افراد الأنصباء لا يرزق منه. و انما يرزق من التركة، و تقديره لا نشتري به ثمنا أي ذا ثمن، ألا تري أن الثمن لا يشتري، و انما ألذي يشتري المبيع دون ثمنه، و كذلك قوله «اشتَرَوا بِآياتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلًا»[2] أي ذا ثمن. و المعني انهم آثروا الشيء القليل علي الحق، فاعرضوا عنه و تركوه، و لا يکون (اشتروا) في الآية بمعني (باعوا) لأن بيع الشيء إخراج و إنفاذ له من البائع، و ليس المعني- هاهنا- علي الإنفاذ و انما هو علي التمسك به، و الإيثار له علي الحق.
و قوله «وَ لَو كانَ ذا قُربي» تقديره و لو کان المشهود له ذا قربي، و خصَّ ذو القربي لميل النّاس الي قراباتهم، و من يناسبونه.
و قوله «وَ لا نَكتُمُ شَهادَةَ اللّهِ إِنّا إِذاً لَمِنَ الآثِمِينَ» معناه انَّا ان كتمناها لمن الآثمين. و قال (شهادة اللّه) فأضاف الشهادة الي اللّه لأمره بها و بإقامتها و النهي عن كتمانها في قوله «وَ مَن يَكتُمها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلبُهُ»[3] و قوله «وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ»[4].
فَإِن عُثِرَ عَلي أَنَّهُمَا استَحَقّا إِثماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ استَحَقَّ عَلَيهِمُ الأَولَيانِ فَيُقسِمانِ بِاللّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِن شَهادَتِهِما وَ مَا اعتَدَينا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ (107)