إنكم مستوفون لجميع المعائب إتيان الذكران و غيره، و يحتمل أن يکون بل لاسرافكم لا تفلحون. و الإسراف الخروج عن حدِّ الحق الي الفساد.
وَ ما كانَ جَوابَ قَومِهِ إِلاّ أَن قالُوا أَخرِجُوهُم مِن قَريَتِكُم إِنَّهُم أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
آية بلا خلاف.
الوجه في قوله «جواب قومه» بالنصب أنه وقع الاسم بعد (إلا) موقع الإيجاب، و ذلک أن ما قبلها إذا کان إيجاباً کان ما بعدها نفياً، و إذا کان ما قبلها نفياً کان ما بعدها ايجاباً، و الجواب خبر يقتضيه أول الكلام، و الغالب عليه جواب النداء و السؤال، و يکون علي وجوه كجواب الجزاء و جواب القسم و جواب (لو).
أخبر اللّه في هذه الآية بما أجاب به قوم لوط (ع) حين قال لهم «إِنَّكُم لَتَأتُونَ الفاحِشَةَ ما سَبَقَكُم بِها مِن أَحَدٍ مِنَ العالَمِينَ» كأنهم قالوا: بعضهم لبعض «أخرجوهم» يعنون لوطاً و أهله الّذين آمنوا به. و الإخراج نقل الشيء عن محيط الي غيره، کما أن الإدخال النقل الي محيط عن غيره. و قال الزجاج و الفراء: أرادوا اخرجوا لوطاً و ابنتيه.
و قوله «من قريتكم» فالقرية هي المدينة، کما قال أبو عمرو بن العلاء:
ما رأيت قرويين أفصح من الحسن و الحجاج، يعني رجلين من أهل المدن إلا أنه صار بالعرف عبارة عن مجتمع النّاس في منازل متجاورة بقرب ضيعة يأوي اليها للاكراء.
و قوله «إِنَّهُم أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ» قيل فيه قولان:
أحدهما- قال إبن عباس و مجاهد و قتادة: يعني يتطهرون عن إتيان الرجال في الأدبار فعابوهم بما يجب أن يمدحوا به.
الثاني- أنه أراد يتطهرون يتنزهون عن أفعالكم و طرائقكم.