آيتان بلا خلاف.
أخبر اللّه تعالي في هذه الآية بما حلَّ بثمود من العذاب، فقال «فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ» و هي حركة القرار المزعجة لشدة الزعزعة تقول: رجف بهم السقف رجوفاً إذا اضطرب من فوقهم، و قال مجاهد و السدي: الرجفة الصيحة.
و قال آخرون: هي زلزلة أهلكوا بها، قال الأخطل:
اما تريني حناني الشيب من كبر كالنشر أرجف و الإنسان مهدود[1]
و قوله «فَأَصبَحُوا فِي دارِهِم جاثِمِينَ» إنما قال دراهم علي التوحيد لأمرين:
أحدهما- إن المعني في بلدهم، و هو واحد.
و الآخر- أن معناه في دورهم، و إنما وحد کما توحد أسماء الأجناس كقوله «إِنَّ الإِنسانَ لَفِي خُسرٍ»[2] و الأخذ نقل الشيء عن حاله الي جهة الناقل له، و ضده الترك كأخذ الدينار و ترك الدرهم. و معني «جاثمين» باركين علي ركبهم موتي، جثم يجثم جثوماً إذا برك علي ركبتيه. و قيل:
صاروا رماداً كالرماد الجاثم، لأن الصاعقة أحرقتهم، و قال جرير:
عرفت المنتأي و عرفت منها مطايا القدر كالجدء الجثوم[3]
و قوله «فَتَوَلّي عَنهُم» يعني أن صالحاً تولي عن قومه، و التولي الذهاب عن الشيء و هو الاعراض عنه، و انما تولي، لأنه أقبل عليهم بالدعاء الي توحيد اللّه و طاعته، فلما خالفوا و نزل بهم العذاب تولي عنهم لليأس منهم و تولاه بمعني أولاه نصرته و معونته، و منه قولهم (تولاك اللّه بحفظه) و قوله