و قوله «لِمَن آمَنَ مِنهُم» موضعه من الاعراب نصب علي البدل من اللام الاولي و هو بدل البعض من الكل إلا أنه أعيد فيه حرف الجر، كقولك مررت بإخوتك بعضهم. و انما فعل ذلک لئلا يظن انهم كانوا مستضعفين غير مؤمنين، لأنه قد يکون المستضعف مستضعفاً في دينه، فلا يکون مؤمناً.
فأزال هذه الشبهة.
و قوله «أَ تَعلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرسَلٌ مِن رَبِّهِ» حقيقة و يقيناً ام لا تعلمون ذلک! و غرضهم بذلك الاستبعاد، لأن يکون صالح نبياً مرسلا من قبل اللّه.
و قوله «إِنّا بِما أُرسِلَ بِهِ مُؤمِنُونَ» جواب من هؤلاء المستضعفين لهم انهم مؤمنون بالذي أرسل به صالح مصدقون. و قد بينا أن حدَّ العلم هو ما اقتضي سكون النفس. و حد الرماني- هاهنا- العلم بأنه اعتقاد للشيء علي ما هو به عن ثقة من جهة ضرورة أو حجة، قال: و العالم هو المبين للشيء بعدم أو ذات تنبئ عن العلم.
قالَ الَّذِينَ استَكبَرُوا إِنّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كافِرُونَ (76)
آية هذه الآية حكاية عما قال المستكبرون للذين آمنوا منهم حين سمعوا منهم الايمان به و الاعتراف بنبوته و التصديق لقوله «إِنّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ» يعني صدقتم به «كافرون» أي جاحدون. و القول هو الكلام، و منه المقول، و هو اللسان، لأن صاحبه يقول به. و تقوَّل بمعني كذَب و قال الكذب.
و المقيال المخبر الي نفسه بالقول امراً من خير أو شر. و القيل ملك دون الملك الأعظم بلغة حِميَر، و جمعه أقيال، لأنه يقول عنه كالوزير.
فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَ عَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَ قالُوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلِينَ (77)
آية بلا خلاف.