في هذه الآية حكاية لقول صالح (ع) لقومه بعد أن أمرهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له، و نهيه إياهم أن يمسوا الناقة بسوء، و حذرهم من المخالفة الّتي يستحق بها العذاب المؤلم فقال- عاطفاً علي ذلک- و «اذكُرُوا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ» أي تفكروا فيما أنعم اللّه عليكم حيث جعلكم بدل قوم عاد بعد أن أهلكهم و أورثكم ديارهم «وَ بَوَّأَكُم فِي الأَرضِ» أي مكنكم من منازل تأوون اليها، يقال بوأته منزلًا إذا مكنته منه ليأوي اليه.
و أصله من الرجوع من قوله «فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلي غَضَبٍ»[1] و قوله «وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ»[2] أي رجعوا، قال الشاعر:
و بوَّأت في صميم معشرها فتم في قومها مبوَّأها[3]
أي أنزلت و مكنت من الكرم في صميم النسب.
و قوله «تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِها» فالسهل ما ليس فيه مشقة علي النفس من عمل أو أرض، يقال: السهل و الجبل، و أرض سهلة. و قوله «قصوراً» جمع قصر، و هو الدار الكبيرة بسور تكون به مقصورة. و أصله القصر ألذي هو الجعل علي منزلة دون منزلة، فمنه القصير، لأنه قصر به علي مقدار دون ما هو أطول منه، و القصر الغاية، يقال: قصره الموت لأنه قصر عليه، و اقصر عن الأمر أي كف عنه. و القصر العشي، و منه القصَّار لأنه يقصر