ما أتاهم به، لأن الخوف قد يکون مع اليقين کما يکون مع الشك ألا تري أن الإنسان يخاف من الموت، و لا يشك في كونه.
قالَ المَلَأُ مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60)
آية بلا خلاف.
(قال) أصله (قول) فانقلبت الواو الفاً لحركتها و انفتاح ما قبلها.
أخبر اللّه تعالي عن الملأ من قوم نوح. و قيل في معني الملأ قولان:
أحدهما- أنهم الجماعة من الرجال سموا بذلك لأنهم يملئون المحافل.
و الثاني- أنهم الاشراف، و قيل: الرؤساء، لأنهم يملئون الصدر بعظم شأنهم، و منه قوله (ص) أولئك الملأ من قريش. و القوم يقال لمن يقوم بالأمر، و لا نسوة فيهم- علي قول الفراء- و هو مأخوذ من القيام.
و إنما سموا بالمصدر، کما قال بعض العرب إذا أكلت طعاماً أحببت نوماً و أبغضت قوماً أي قياماً.
و قوله «إِنّا لَنَراكَ» قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها- انه من رؤية القلب ألذي هو العلم.
الثاني- من رؤية العين، كأنهم قالوا نراك بأبصارنا علي هذه الحال.
الثالث- أنه من الرأي ألذي هو غالب الظن و كأنه قال: إنا لنظنك.
و قوله «فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» أرادوا بالضلال هاهنا العدول عن الصواب الي الخطأ فيما زعموا مخالفتهم إياه فيما دعاهم اليه من اخلاص العبادة للّه تعالي.
و «مبين» أي بين ظاهر.
قالَ يا قَومِ لَيسَ بِي ضَلالَةٌ وَ لكِنِّي رَسُولٌ مِن رَبِّ العالَمِينَ (61)