آية بلا خلاف.
معني قوله «فَدَلّاهُما» حطهما الي الخطيئة بغرور، و منه قولهم: فلان يتدلي الي الشر، لان الشر سافل و الخير عال. و قيل: دلاهما من الجنة الي الإرض بغرور. الغرور إظهار النصح مع ابطان الغش، و أصله الغر: طيُّ الثوب يقال: اطوه علي غره أي علي كسر طيه، و قال الشاعر:
كأن غرَّ متنه إذ نجنبه سير صناع في خريز تكلبه[1]
فالغرور بمنزلة الغر لما فيه من اظهار حال و إخفاء حال، و منه الغرر لخفاء ما لا يؤمن فيه. و الغر ألذي لم يجرب الأمور، لأنها تخفي عليه. و الغرة الأخذ علي غفلة. و الغرارة الوعاء، لأنها تخفي ما فيها. و الأغر الأبيض لظهور الثوب في غره، و منه الغرة في الجبهة.
و قوله «فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوآتُهُما» أي ظهرت عورتاهما، و لم يكن ذلک علي وجه العقوبة، لان الأنبياء لا يستحقون العقوبة، و انما کان ذلک لتغير المصلحة، لأنهما لما تناولا من الشجرة اقتضت المصلحة إخراجهما من الجنة و نزعهما لباسهما ألذي کان عليهما، و اهباطهما الي الإرض، و تكليفهما فيها.
و قوله «و طفقا» قال إبن عباس: معني طفق جعل يفعل، و مثله قولهم:
ظل يفعل و أخذ يفعل و ابتدأ يفعل، فقد يکون ذلک بأول الفعل و قد يکون بالقصد الي الفعل، و يقال: طفق يَطفِق و طفق يَطفَق طفقا.
و قوله «يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ» معناه يقطفان من ورق الجنة ليستترا به، و يحوزان بعضه الي بعض، و منه المخصف: المثقب ألذي يخصف به النعل، و الخصاف ألذي يرقع النعل قال الشاعر: