في الآية الأولي حكاية عن إبليس أنه سأل اللّه تعالي أن ينظره. و الانظار الامهال الي مدة فيها النظر في الأمر طال أم قصر. و الانظار و الامهال و التأخير و التأجيل نظائر في اللغة، و بينها فرق. و ضد الامهال الاعجال. و أصل الانظار المقابلة، و هي المناظرة. و (الجبلان يتناظران) أي يتقابلان، و نظر اليه بعينه أي قابله لينظر له و نظر اليه بيده، ليظهر له حاله في اللين و الخشونة أو الحرارة و البرودة.
و قوله «إِلي يَومِ يُبعَثُونَ» مدة للانظار ألذي طلبه. و البعث الإطلاق في الامر، و الانبعاث الانطلاق. و البعث و الحشر و النشر و الجمع نظائر.
و يجوز في «يَومِ يُبعَثُونَ» ثلاثة أوجه من العربية: بالجر و ترك التنوين علي الاضافة، و الجر مع التنوين علي الصفة. و الفتح و ترك التنوين علي البناء.
و ليس بالوجه، لأن الفعل معرب.
و الوجه في مسألة إبليس الانظار- مع علمه أنه مطرود ملعون مسخوط عليه- علمه بأن اللّه يظاهر الي عباده بالإحسان، و يعمهم بفضله و إنعامه، فلم يصرف ارتكابه المعصية و إصراره علي الخطيئة عن المسألة طامعاً في الاجابة، و عن انس من بلوغ المحبة.
فقال السدي و غيره: إنه لم يجبه «إِلي يَومِ يُبعَثُونَ» لأنه يوم القيامة، و هو يوم بعث لا يوم موت، و لكن انظر الي يوم الوقت المعلوم، کما ذكره في سورة اخري[1]. و يقوي ذلک قوله «إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ» و ليس لأحد