أخبر اللّه تعالي أنه يقلب اللّه أفئدة هؤلاء الكفار و أبصارهم عقوبة لهم و في كيفية تقليبها قيل قولان:
قال ابو علي الجبائي: انه يقلبها في جهنم علي لهب النار و حر الجمر، و جمع بين صفتهم في الدنيا و صفتهم في الآخرة، کما قال «هَل أَتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ وُجُوهٌ يَومَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصلي ناراً حامِيَةً»[1] لان قوله «وُجُوهٌ يَومَئِذٍ خاشِعَةٌ» يعني في الآخرة، و «عامِلَةٌ ناصِبَةٌ» في الدنيا.
الثاني- انه يقلبها بالحسرة الّتي تغم و تزعج النفس. و قوله «كَما لَم يُؤمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ» قيل فيه قولان:
أحدهما- أول مرة أنزلت الآيات، فهم لا يؤمنون ثاني مرة بما طلبوا من الآيات کما لم يؤمنوا أول مرة بما أنزل من الآيات، و هو قول إبن عباس و إبن زيد و مجاهد.
الثاني- روي أيضا عن إبن عباس يعني أول مرة في الدنيا و كذلك لو أعيدوا ثانية، کما قال تعالي «وَ لَو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنهُ»[2] و الكاف في قوله «كَما لَم يُؤمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ» قيل فيه قولان:
أحدهما- انها دخلت علي محذوف كأنه قيل: فلا يؤمنون به ثاني مرة کما لم يؤمنوا به أول مرة.