الثالث- للتجنيس نحو اجتنبوا الرجس من الأوثان- في قول الزجاج- و قوله «تَنالُهُ أَيدِيكُم وَ رِماحُكُم» يعني به فراخ الطيور و صغار الوحش في قول إبن عباس و مجاهد، و زاد مجاهد: و البيض. و ألذي تناله الرماح الكبار من الصيد. قال أبو علي: معني «تَنالُهُ أَيدِيكُم وَ رِماحُكُم» إن صيد الحرم يقرب من النّاس و لا ينفر منهم فيه کما ينفر في الحل، و ذلک آية من آيات اللّه. و قال الحسن و مجاهد: حرم اللّه بهذه الآية صيد البرِّ كله. و قال أبو علي:
صيد الحرم هو المحرم بهذه الآية. و قال الزجاج: بين النبي (ص) تحريم صيد الحرم علي المحرم و غيره بهذه الآية، و هذا صحيح. و صيد غير المحرم إنما يحرم علي المحرم دون المحل.
و قوله «لِيَعلَمَ اللّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ» معناه لعاملكم معاملة من يطلب أن يعلم، مظاهرة في العدل. و وجه آخر- ليظهر المعلوم، و الأول أحسن.
و اختار البلخي الوجه الثاني، قال و اللّه تعالي و ان کان عالماً بما يفعلونه فيما لم يزل، فانه لا يجوز أن يثيبهم و لا يعاقبهم علي ما يعلم منهم، و انما يستحقون ذلک إذا علمه واقعاً منهم علي وجه كلفهم، فإذاً لا بد من التكليف و الابتلاء.
و قوله «مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ» يعني من يخشي عقابه إذا تواري بحيث لا يقع عليه الحس- في قول الحسن- تقول: غاب يغيب غياباً فهو غائب عن الحس، و منه الغيبة و هي الذكر بظهر الغيب بالقبيح. و قال قوم: معناه من يخاف صيد الحرم في السر کما يخافه في العلانية، فلا يعرضون له علي حال.
و قوله «فَمَنِ اعتَدي بَعدَ ذلِكَ» يعني من تجاوز حد اللّه بمخالفة أمره و ارتكاب نهيه بالصيد في الحرم، و في حال الإحرام «فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ» أي مؤلم. قال البلخي: يجوز أن يکون ذلک في النار، و يجوز أن يکون غير ذلک من صنوف الآلام و العقوبات، قال سليمان «لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً»[1] يعني الهدهد و لم يرد عذاب النار.