عن إيمانه و هداه الي الضلال. قال و لا يقدر أحد من الشياطين علي اذهاب عقل أحد، لأنهم لو قدروا علي ذلک لسلبوا عقول العلماء من حيث انهم أعداؤهم، فلما لم يقدروا علي ذلک دلَّ علي أنه لا يقدر علي ذلک الا اللّه.
ثم أمره اللّه أن يقول لهؤلاء الكفار «إِنَّ هُدَي اللّهِ هُوَ الهُدي» أي دلالة اللّه لنا علي توحيده و أمر دينه هو الهدي ألذي يؤدي المستدل به الي الفلاح و الرشاد في دينه و هو ألذي يجب أن يعمل عليه و يستدل به دون ما يدل عليه غيره من سوي أمور الدين. و قوله «وَ أُمِرنا لِنُسلِمَ لِرَبِّ العالَمِينَ» معناه أمرنا أن نسلم أمورنا للّه رب العالمين و ان نفوضها اليه و نتوكل عليه لا علي غيره مما يعبده المشركون.
و «حيران» نصب الحال، و تقديره كالذي استهوته الشياطين في حال حيرته. و قوله «لَهُ أَصحابٌ يَدعُونَهُ إِلَي الهُدَي» قيل: نزلت في عبد الرحمن إبن أبي بكر، کان أبواه يدعو انه الي الايمان و يقولان له «ائتنا»، أي تابعنا في أيماننا «وَ أُمِرنا لِنُسلِمَ لِرَبِّ العالَمِينَ» تقول العرب: أمرتك ان تفعل و أمرتك لتفعل و أمرتك بأن تفعل، فمن قال: أمرتك بأن تفعل، فالباء للإلصاق. و المعني وقع الامر بهذا الفعل. و من قال أمرتك أن تفعل حذف الباء، و من قال أمرتك لتفعل المعني أمرنا للإسلام. قال الزجاج: يکون اللام لام التعليل و التقدير أمرنا كي نسلم قال الشاعر:
أريد لأنسي ذكرها فكأنما تمثل لي ليلي بكل سبيل[1]
أي كي أنسي. و قال الطبري: معناه و أمرنا لنخضع له بالذلة و الطاعة و نخلص ذلک له دون ما سواه من الأنداد و الآلهة.
وَ أَن أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ اتَّقُوهُ وَ هُوَ الَّذِي إِلَيهِ تُحشَرُونَ (72)
آية بلا خلاف.