آية بلا خلاف.
قرأ حمزة «استهواه الشياطين» بألف ممالة، الباقون بالتاء المعجمة من فوق قال ابو عبيدة «كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطِينُ» أي استمالت به، ذهبت به، و منه «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها»[1] و كذلك هوي و أهوي غيره، قال تعالي:
«وَ المُؤتَفِكَةَ أَهوي»[2] يقال أهويته و استهويته، کما قال «فأزلهما الشيطان» و «إِنَّمَا استَزَلَّهُمُ الشَّيطانُ»[3]، فكما أن أزله بمعني استزله كذلك استهواه بمنزلة أهواه، و کما أن معني استجابه أجابه في قول الشاعر:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب[4] و قرأ حمزة ها هنا مثل قراءته «توفاه» و كلا المذهبين حسن.
و قوله: «استهواه» انما هو من قولهم: هوي من حالق إذا تردي منه.
و يشبه به ألذي زل عن الطريق المستقيم، کما أن زل انما هو من العباد، و المكان أمر اللّه نبيه (ص) و المؤمنين أن يقولوا لهؤلاء الّذين يدعونهم الي عبادة الأوثان و الأصنام «أَ نَدعُوا مِن دُونِ اللّهِ ما لا يَنفَعُنا» ان عبدناه، و لا يضرنا ان تركنا عبادته «وَ نُرَدُّ عَلي أَعقابِنا» بعد الهدي و الرشاد و بعد معرفتنا باللّه و تصديق رسله الي الضلال، و ذلک مثل يقال فيمن رجع عن خير الي شر: رجع علي عقبيه، و كذلك إذا خاب من مطلبه، يقال رد علي عقبيه، و يصير في الحيرة «كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطِينُ فِي الأَرضِ حَيرانَ» لا يهتدي الي طريق، و لا معرفة «لَهُ أَصحابٌ يَدعُونَهُ» الي الطريق الواضح و هو الهدي و يقولون له «ائتنا» و لا يقبل منهم، و لا يصير اليهم غير انه لذهاب عقله من فعل اللّه، فيستولي الشيطان حينئذ عليه، و لا يقبل من أحد لحيرته. شبه اللّه به الكافر ألذي يرجع