نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 4 صفحه : 129
الا و قد بيناه اما مجملا أو مفصلا، فما هو صريح يفيد لفظا، و ما هو مجمل بيَّنه علي لسان نبيه و أمر باتباعه في قوله «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهُوا»[1] و دل بالقرآن علي صدق نبوته و وجوب أتباعه، فإذاً لا يبقي أمر من امور الدين و الدنيا الا و هو في القرآن- و هذا الوجه اختاره الجبائي- و قال البلخي: «ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ» أي لم ندع الاحتجاج بما يوضح الحق و يدعو الي الطاعة و المعرفة و يزجر عن الجهل و المعصية، و تصريف الأمثال و ذكر أحوال الملائكة و بني آدم و سائر الخلق من أصناف الحيوان. و کل جنس من الحيوان أمة، لان الامة الجماعة و يقال للصبيان: أمة و ان لم يجب عليهم التكليف.
و قوله تعالي: «ثُمَّ إِلي رَبِّهِم يُحشَرُونَ» معناه يحشرون الي اللّه بعد موتهم يوم القيامة کما يحشر العباد، فيعوض اللّه تعالي ما يستحق العوض و ينتصف لبعضها من بعض، فإذا عوضهما، قال قوم: انها تصير ترابا فحينئذ يتمني الكافر فيقول «يا لَيتَنِي كُنتُ تُراباً»[2] و قال قوم: يديم اللّه أعواضها و يخلقها علي أحسن ما يکون من الصور فيسر بها المثابون و يکون ذلک من جملة ما ينعمون به، ذكره البلخي. و قال قوم: «يُحشَرُونَ» معناه يموتون و يفنون و هذا بعيد، لان الحشر في اللغة هو بعث من مكان الي غيره، و هاهنا لا معني للحشر ألذي هو الفناء و انما معناه انهم يصيرون الي ربهم و يبعثون اليه.
و استدل قوم من التناسخية بهذه الآية علي ان البهائم و الطيور مكلفة، لأنه قال «أُمَمٌ أَمثالُكُم» و هذا باطل، لأنا قد بينا من أي وجه قال: انها «أُمَمٌ أَمثالُكُم» و لو وجب حملها علي العموم لوجب ان تكون أمثالنا في كونها ناسا و في مثل صورنا و أخلاقنا، فمتي قالوا لم يقل أمثالنا في کل شيء، قلنا: و كذلك الامتحان و التكليف، علي انهم مقرون بان الأطفال غير مكلفين و لا ممتحنين، فما يحملون به امتحان الصبيان بعينه نحمل بمثله امتحان البهائم، و كيف يصح