الوقف عند قوله «الَّذِينَ يَسمَعُونَ» و معني الآية انما يستجيب الي الايمان باللّه و ما أنزل اليك من يسمع كلامك و يصغي اليك، و الي ما تقرأ عليه من القرآن و ما تبين له من الحجج و الآيات و يفكر في ذلک لأنه لا يتبين الحق من الباطل الا لمن تفكر فيه و استدل عليه بما يستمع أو يعرف من الآيات و الادلة علي صحته، و جعل من لم يتفكر و لم ينتفع بالآيات بمنزلة من لم يستمع کما قال الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادي[1]
و کما جعله الشاعر بمنزلة الأصم في قوله:
أصم عما ساءه سميع[2]
و قوله «وَ المَوتي يَبعَثُهُمُ اللّهُ» معناه ان الّذين لا يصغون اليك من هؤلاء الكفار و لا يسمعون كلامك ان كلمتهم، و لا يسمعون ما تقرأه عليهم و تبينه لهم من حجج اللّه و آياته، و ينفرون عنه إذا كلمتهم بمنزلة الموتي، فكما ان الموتي لا يستجيبون لمن يدعوهم الي الحق و الايمان، فكذلك هؤلاء الكفار لا يستجيبون لك إذا دعوتهم الي الايمان، فكما آيست ان يسمع الموتي كلامك الي ان يبعثهم اللّه و الي ان يرجعوا اليه، فكذلك فآيس من هؤلاء أن يسمعوا كلامك و أن يستجيبوا لك. و بين أن الموتي إذا بعثهم اللّه بمعني أحياهم انهم يرجعون بعد الحشر و البعث الي الموضع ألذي لا يملك الحكم فيه عليهم غير اللّه تعالي، و لا يملك محاسبتهم و ضرهم و نفعهم غيره، فجعل رجوعهم الي ذلک الموضع رجوعا الي اللّه و ذلک مستعمل في اللغة.
و قال مجاهد: «إِنَّما يَستَجِيبُ الَّذِينَ يَسمَعُونَ» يعني المؤمنين يسمعون الذكر «وَ المَوتي يَبعَثُهُمُ اللّهُ» يعني المشركين الصم يبعثهم اللّه فيحييهم من شركهم حتي يؤمنوا «ثُمَّ إِلَيهِ يُرجَعُونَ» يوم القيامة.