و لكنهم ماتوا و لم أخش بغتة و أفظع شيء حين يفجؤك البغت[2]
و قوله «قالُوا يا حَسرَتَنا عَلي ما فَرَّطنا فِيها» قد علم أن الحسرة لا تدعي و انما دعاؤها تنبيه للمخاطبين. و (الحسرة) شدة الندم حتي يحسر النادم کما يحسر ألذي تقوم به دابته في السفر البعيد. قال الزجاج: العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الاخبار عن أمر عظيم يقع فيه جعلته نداء، فلفظه لفظ ما ينبه، و المنبه به غيره، كقوله «يا حَسرَةً عَلَي العِبادِ»[3] و قوله «يا حَسرَتي عَلي ما فَرَّطتُ»[4] و «يا وَيلَتي أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ»[5] و «يا وَيلَنا مَن بَعَثَنا مِن مَرقَدِنا هذا»[6]، فهذا أبلغ من ان يقول: أنا اتحسر علي العباد و ابلغ من ان يقول:
الحسرة علينا في تفريطنا. قال سيبويه: إذا قلت يا عجباه فكأنك قلت احضر و تعال يا عجب، فانه من أزمانك. و تأويل «يا حَسرَتَنا» انتبهوا علي أنا قد خسرنا. و قوله «عَلي ما فَرَّطنا فِيها» يعني قدمنا العجز. و قيل معناه ما ضيعنا فيها يعني في الساعة. و انما يحسروا علي تفريطهم في الايمان و التأهب لكونها بالأعمال الصالحة.
و قوله «وَ هُم يَحمِلُونَ أَوزارَهُم» يعني ثقل ذنوبهم، و هذا مثل جائز ان يکون جعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أثقل ما يتحمل، لان الثقل قد يستعمل في الوزن و قد يستعمل في الحال تقول في الحال: قد ثقل علي خطاب فلان، و معناه كرهت خطابه كراهة اشتدت علي. و يحتمل أن يکون المراد بالأوزار العقوبات الّتي استحقوها بالذنوب و العقوبات قد تسمي اوزاراً، فبين أنه لثقلها عليهم يحملونها علي ظهورهم. و ذلک يدل علي عظمها. و (الوزر) الثقل في اللغة و اشتقاقه من الوزر، و هو الجبل ألذي يعتصم به. و منه قيل: وزير،