هذا وصف للذين آمنوا من هؤلاء النصاري الّذين ذكرهم اللّه أنهم أقرب مودة للمؤمنين بأنهم إذا سمعوا ما أنزل اللّه من القرآن يتلي «تَري أَعيُنَهُم تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ» يعني من آمن من هؤلاء النصاري. قال الزجاج و أبو علي: تقديره و منهم إذا سمعوا و لم يذكر (منهم) لدلالة الكلام عليه و ما وصفهم به فيما بعده. و فيض العين من الدمع امتلئوها منه سيلًا و منه فيض النهر من الماء و فيض الإناء، و هو سيلانه عن شدة امتلاء، و منه قول الشاعر:
ففاضت دموعي فظل الشؤو ن إما و كيفاً و إما انحدارا[1]
و خبر مستفيض أي شائع، و فاض صدر فلان بسره، و أفاض القوم من عرفات الي مني إذا دفعوا، و أفاض القوم في الحديث إذا اندفعوا فيه، و الدمع الماء الجاري من العين و يشبه به الصافي، فيقال دمعة. و المدامع مجاري الدمع و شجة دامعة تسيل دماً.
و قوله «مِمّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ» أي مما علموه من صدق النبي و صحة ما أتي به «يَقُولُونَ رَبَّنا» في موضع الحال، و تقديره قائلين «ربنا آمنا» أي صدقنا بما أنزلت «فَاكتُبنا مَعَ الشّاهِدِينَ» قيل في معناه قولان: