- آية- قرأ أبو جعفر (لكن) بتشديد النون و فتحها- هاهنا و في (الزمر)- و قرأ أبو عمرو و الكسائي، و حمزة في أكثر الروايات (الأشرار، و الأبرار، و القرار) بالامامة. الباقون- بالتفخيم- و الامالة في فتحة الراء حسنة، لأن الراء المكسورة تغلب المفتوحة کما غلبت المستعلي في قولهم: قارب و طارد، و قادر فيمن أمالهن، فإذا غلبت المستعلي، فان تغلب الراء المفتوحة أولي، لأنه لا استعلاء في الراء، و إنما هو حرف من مخرج اللام فيه تكرير. و من لم يمل، فلأن كثيراً من النّاس لا يميل شيئاً من ذلک.
لما أخبر اللّه تعالي عما للكفار من سوء العاقبة و أنواع العذاب بشر المؤمنين بما أعد لهم من الجزاء عند اللّه و جزيل الثواب، فقال: (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم) بفعل الطاعات، و ترك المعاصي (لَهُم جَنّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِن عِندِ اللّهِ) يعني ثواباً من عند اللّه، و هو نصب علي المصدر علي وجه التأكيد، لأن خلودهم فيها إنزالهم فيها، كأنه قال: نزلوها نزلا، و هو بمعني أنزلوها إنزالا.
و يحتمل أن يکون نصبا علي التفسير، كقولك: هو لك هبة. و واحدة الأبرار بار:
مثل صاحب، و أصحاب. و يجوز أن يکون بر و أبرار- علي فعل و أفعال- تقول:
بررت والدي، فانا بر. و أصله برر لكن أدغمت الراء للتضعيف. و قوله: «وَ ما عِندَ اللّهِ خَيرٌ» يعني من الحباء و الكرامة، و حسن المآب خير للأبرار مما يتقلب فيه الّذين كفروا، لأن ما يتقلبون فيه زائل فان قليل، و ما عند اللّه دائم غير زائل.
و قد بينا معني (لكن) فيما مضي، و انها للاستدراك بها خلاف المعني المتقدم من اثبات بعد نفي أو نفي بعد اثبات. فقوله: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي البِلادِ) يتضمن معني فما لهم كبير نفع، فجاء علي ذلک، (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم لَهُم جَنّاتٌ) و قوله: (تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ) معناه تجري من تحت شجرها.