باجلال النّاس لهم و نسبهم إياهم إلي العلم. و قال الضحاك، و السدي: نزلت في اليهود حيث فرحوا بما أثبتوا من تكذيب النبي (ص). و قال سعيد بن جبير: فرحوا بما أتي اللّه آل ابراهيم. و قال إبن عباس: إن النبي (ص) سألهم عن شيء، فتكتموه ففرحوا بكتمانهم، و أقوي هذه الأقوال أن يکون قوله: «لا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ يَفرَحُونَ» يعني بها من أخبر اللّه عنهم أنه أخذ ميثاقهم ليبينن للناس أمر محمّد (ص)، و لا يكتمونه، لأن قوله: «لا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ يَفرَحُونَ» في سياق الخبر عنهم و شبيه بقصتهم مع أن أكثر أهل التأويل عليه. و قال الجبائي: الآية في المنافقين، لأنهم كانوا يعطون المؤمنين شيئاً يستعينون به علي الجهاد لا علي وجه القربة إلي اللّه بل علي وجه الرياء و يفرحون بذلك، و يريدون مع ذلک أن يحمدوا علي ذلک و يعتقد أنهم فعلوه لوجه القربة، فقال: «لا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ يَفرَحُونَ بِما أَتَوا وَ يُحِبُّونَ أَن يُحمَدُوا بِما لَم يَفعَلُوا» بمنزلة المؤمنين الّذين يفعلون الافعال للّه علي وجه القربة إليه. و قال: «فَلا تَحسَبَنَّهُم» مع ذلک بمنجاة «مِنَ العَذابِ» بل «لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ» يعني مؤلم فحسبان الثاني متعلق بغير ما تعلق به الأول، فلذلك كرر. فان قيل: أين خبر «لا تَحسَبَنَّ» الاولي! قلنا: عنه جوابان:
أحدهما- «بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ»، لأنها مكررة لطول الكلام. و قيل: الفاء زائدة علي هذا، و هو قول الزجاج.
و الثاني- ان الخبر محذوف، كأنه قال ناجين، و دل الخبر الأخير عليه. فان قيل: كيف يجوز أن يذم بالفرح و ليس من فعل الإنسان! قلنا ذم بالتعرض له علي جهة الأشر و البطر کما قال: «لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ».
وَ لِلّهِ مُلكُ السَّماواتِ وَ الأَرضِ وَ اللّهُ عَلي كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (189)
- آية بلا خلاف-.