فحقيقة المفسدة اذاً ليست‌ بحاصلة، لأن‌ حد المفسدة ‌ما وقع‌ عنده‌ الفساد و لولاه‌ ‌لم‌ يقع‌ ‌من‌ ‌غير‌ ‌أن‌ ‌يکون‌ تمكيناً.

و الطغيان‌ هاهنا تجاوز الحد ‌في‌ الظلم‌ و الغلو ‌فيه‌ و أصله‌ تجاوز الحد.

و ‌منه‌ ‌قوله‌ ‌تعالي‌: «إِنّا لَمّا طَغَي‌ الماءُ»[1] و ‌قوله‌: «إِن‌َّ الإِنسان‌َ لَيَطغي‌»[2] ‌ أي ‌ يتجاوز الحد ‌في‌ الخروج‌ ‌عن‌ الحق‌.

و ‌قوله‌: «فَلا تَأس‌َ عَلَي‌ القَوم‌ِ الكافِرِين‌َ» معناه‌ ‌لا‌ تحزن‌ تقول‌ أسي‌ يأسي‌ أساً ‌إذا‌ حزن‌. ‌قال‌ الشاعر:

و انحلبت‌ عيناه‌ ‌من‌ فرط الأسي‌[3]

و ‌هذا‌ تسلية للنبي‌ (ص‌) و ليس‌ بنهي‌ ‌عن‌ الحزن‌، لأنه‌ ‌لا‌ يقدر ‌عليه‌ لكنه‌ تسلية و نهي‌ ‌عن‌ التعرض‌ للحزن‌. ‌قال‌ البلخي‌ ‌ذلک‌ يدل‌ ‌علي‌ بطلان‌ ‌ما

روي‌ ‌من‌ ‌أن‌ النبي‌ (ص‌) دعا للكفار بالهداية، لأنه‌ نهاه‌ ‌عن‌ الحزن‌ و أمره‌ بلعنهم‌ و ‌لا‌ يجتمع‌ قول‌ اللهم‌ العنهم‌، و اهدهم‌ و اغفر ‌لهم‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ المائدة (5): آية 69]

إِن‌َّ الَّذِين‌َ آمَنُوا وَ الَّذِين‌َ هادُوا وَ الصّابِئُون‌َ وَ النَّصاري‌ مَن‌ آمَن‌َ بِاللّه‌ِ وَ اليَوم‌ِ الآخِرِ وَ عَمِل‌َ صالِحاً فَلا خَوف‌ٌ عَلَيهِم‌ وَ لا هُم‌ يَحزَنُون‌َ (69)

أخبر اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌أن‌ ‌الّذين‌ صدقوا اللّه‌ و أقروا بنبوة نبيه‌ (ص‌) «وَ الَّذِين‌َ هادُوا» يعني‌ ‌الّذين‌ اعتقدوا اليهودية و نبوة موسي‌، و تأييد شرعه‌ «و الصابئون‌»