آية قد بينا معني (لو) فيما مضي و إنما فتحت (أنهم) بعدها لأن هذا موضع قد خالف الابتداء بأنه بالفعل أولي فصار بمنزلة العامل ألذي يختص بالفعل دون الاسم أو الاسم دون الفعل يبين ذلک امتناع اللام من الدخول علي الخبر في (لو) و ليس كذلك (حتي) و (الا). و معني «أَقامُوا التَّوراةَ وَ الإِنجِيلَ» علموا بما فيهما علي ما فيهما دون أن يحرفوا شيئاً منهما أو يغيروا أو يبدلوا کما كانوا يفعلون و يحتمل أن يکون معناه بما فيهما بأن أقاموهما نصب أعينهم لئلا يزالوا في شيء من حدودهما.
و قوله «وَ ما أُنزِلَ إِلَيهِم مِن رَبِّهِم» يحتمل أمرين:
أحدهما- قال إبن عباس و أبو علي و غيرهما: المراد به الفرقان.
الثاني- قال قوم: کل ما دل اللّه عليه من امور الدين. و قوله «لَأَكَلُوا مِن فَوقِهِم» بإرسال السماء عليهم مدراراً «وَ مِن تَحتِ أَرجُلِهِم» بإعطاء الإرض خيرها و بركتها و قال قوم «من فوقهم» ثمار النخل و الأشجار «وَ مِن تَحتِ أَرجُلِهِم» الزرع. و المعني لو آمنوا لأقاموا في أوطانهم، و أموالهم و زروعهم، و لم يجلوا عن بلادهم، ففي ذلک التأسيف لهم علي ما فاتهم، و الاعتداد بسعة ما كانوا فيه من نعمة اللّه عليهم، و هو جواب التبخيل في قولهم «يَدُ اللّهِ مَغلُولَةٌ»[1].
الثاني- ان المعني فيه التوسعة، کما يقال: هو في الخير من قرنه الي