في هذه الآية، فأنه ذكر في الآية الأولي- علي طريقة العلة- لما يجب من التسلية عن المسارعة إلي الضلالة، و ذكر في هذه الآية علي وجه العلة لاختصاص المضرة للعاصي دون المعصي.
و الفرق بين المضرة و الاساءة أن الاساءة لا تكون إلا قبيحة، و المضرة قد تكون حسنة إذا كانت لطفاً، أو مستحقة أو فيها نفع يوّفي عليها أو دفع ضرر أعظم منها كفعل العقاب، و ضرب الصبي للتأديب، و غير ذلک.
و قوله: (شيئا) نصب علي أنه وقع موقع المصدر، و تقديره «لن يضروا الله شيئا» من الضرر. و يحتمل أن يکون نصباً بحذف الباء كأنه قال بشيء مما يضرّ به، کما يقول القائل: ما ضررت زيداً شيئاً من نقص مال، و لا غيره.
وَ لا يَحسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُملِي لَهُم خَيرٌ لِأَنفُسِهِم إِنَّما نُملِي لَهُم لِيَزدادُوا إِثماً وَ لَهُم عَذابٌ مُهِينٌ (178)
- آية واحدة بلا خلاف-.
قرأ حمزه «و لا تحسبن» بالتاء و فتح السين. الباقون بالياء، و هو الأقوي، لأن حسبت يتعدي إلي مفعولين (و أن) علي تقدير مفعولين، لأن قوله: «أَنَّما نُملِي لَهُم خَيرٌ لِأَنفُسِهِم» سد مسد المفعولين لأنه لا يعمل في (أنما) إلا ما يتعدي إلي مفعولين: نحو حسبت و ظننت و أخواتهما. و حسبت يتعدي إلي مفعولين أو مفعول