قلنا: أكثر ما نشاهده كذلك، من ذلک أن الإنسان يعلم ان القتل يورده النار، فيقتل إما إيثاراً لشفاء غيظ أو لاخذ مال. و کما فعل إبليس مع علمه بأن اللّه يدخله النار بمعصيته فآثر هواه علي القربة من اللّه و عمل لما يدخله النار. و هذا ظاهر في العادات.
قُل هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَعَنَهُ اللّهُ وَ غَضِبَ عَلَيهِ وَ جَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَ الخَنازِيرَ وَ عَبَدَ الطّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ عَن سَواءِ السَّبِيلِ (60)
قراء حمزة «و عبد الطاغوت» بضم الباء و خفض التاء يريد خدم الطاغوت في قول الأعمش، و يحيي بن رئاب. الباقون بفتح الباء و الدال و نصب التاء.
قال أبو علي: حجة حمزة أنه حمل علي ما عمل فيه (جعل) كأنه قال و جعل منهم من عبد الطاغوت. و معني (جعل) خلق، کما قال «وَ جَعَلَ مِنها زَوجَها»[1] و قال «وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ»[2] قال: و ليس (عبد) لفظ جمع لأنه ليس في أبنية الجمع شيء علي هذا البناء لكنه واحد في موضع جمع کما قال «وَ إِن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللّهِ لا تُحصُوها»[3] و جاء علي (فعل) لأن هذا البناء يراد به الكثرة نحو يقط و ندس و (عبد) في الأصل صفة، و ان