يؤمنون، و ان الأكثر هم الفاسقون، فلا ينبغي ان يعظم ذلک عليك.
أَ فَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغُونَ وَ مَن أَحسَنُ مِنَ اللّهِ حُكماً لِقَومٍ يُوقِنُونَ (50)
آية بلا خلاف.
قرأ (تبغون) بالتاء إبن عامر وحده الباقون بالياء. من قرأ بالتاء فعلي معني قل لهم، و من قرأ بالياء، فلأن ما قبله علي لفظ الغيبة و هو قوله «وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ لَفاسِقُونَ» فحملوا عليه. و الكناية في قوله «أَ فَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغُونَ» قيل فيها قولان:
أحدهما- إنها كناية عن اليهود في قول مجاهد، و أبو علي قال أبو علي لأنهم كانوا إذا وجب الحكم علي ضعفائهم ألزموهم إياه. و إذا وجب علي أقويائهم بالغني و الشرف في الدنيا لم يأخذوهم به، فقيل لهم «أَ فَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ» يعني عبدة الأوثان «تبغون» و أنتم أهل كتاب.
الثاني- انها كناية عن کل من طلب غير حكم اللّه أي انما خرج منه الي حكم الجاهلية. و كفي بذلك خزياً أن يحكم بما يوجبه الجهل دون ما يوجبه العلم.
و نصب «أَ فَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغُونَ» و هو مفعول به و معني تبغون تطلبون يقال بغي يبغي بغياً إذا طلبه و البغاة هم الّذين يطلبون التآمر علي النّاس و الترأس بغير حق و البغي الفاجرة لأنها تطلب الفاحشة، و منه قوله «وَ مَن عاقَبَ بِمِثلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّهُ»[1] أي من طلب عليه الاستعلاء