فهو الموصوف بانه فضل. و الفرق بين النعمة و المنفعة أن النعمة لا تكون نعمة إلا إذا كانت حسنة، لأنه يستحق بها الشكر و لا يستحق الشكر بالقبيح. و المنفعة قد تكون حسنة و قد تكون قبيحة مثل ان يغصب ما لا ينتفع به- و إن کان قبيحاً- و قوله: (لَم يَمسَسهُم سُوءٌ) موضعه نصب علي الحال. و تقديره: فانقلبوا بنعمة من اللّه و فضل سالمين. و العامل فيه «فَانقَلَبُوا» و المعني بالآية الّذين أمرهم اللّه تعالي بتتبع المشركين إلي حمراء الأسد، فلما بلغوا إليها و کان المشركون أسرعوا في المضي إلي مكة رجع المسلمون من هناك من غير أن يمسهم قتل و لا جراح غانمين سالمين، و قد امتثلوا ما أمرهم اللّه تعالي به. و اتبعوا رضوانه «وَ اللّهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ» أي ذو إحسان عظيم علي عباده ديني و دنيوي.
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيطانُ يُخَوِّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافُوهُم وَ خافُونِ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ (175)
- آية-
انما ذلک التخويف ألذي کان من نعيم بن مسعود من فعل الشيطان، و باغوائه، و تسويله. و يخوف أولياءه المؤمنين. قال إبن عباس، و مجاهد، و قتادة: يخوف المؤمنين بالكافرين. و قال الزجاج، و أبو علي الفارسي، و غيرهما من أهل العربية: إن تقديره يخوفكم أولياءه. أي من أوليائه بدلالة قوله: «فَلا تَخافُوهُم وَ خافُونِ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ» أي إن كنتم مصدقين باللّه فقد أعلمتكم أني انصرفكم عليهم، فقد سقط عنكم الخوف. و مثله قوله: «لِيُنذِرَ بَأساً شَدِيداً مِن لَدُنهُ»[1] و معناه لينذركم بأساً و التقدير لينذركم ببأس شديد، فلما حذف الجار نصبه. و قيل: إن «يخوف» يتعدي إلي مفعولين، لأنك تقول: خفت زيداً و خوفت زيداً عمراً. و يکون في الآية حذف أحد المفعولين، کما قلناه في