علي معني الأمر بالتوبة. و إنما يتوب المذنب من ذنبه. و الحد من فعل غيره.
و أيضاً فمتي کان مُصراً کان اقامة الحد عليه عقوبة. و العقوبة لا تكفر الخطيئة. کما لا يستحق بها الثواب. و قوله «إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» يدل علي ما نذهب اليه من أن قبول التوبة و إسقاط العقاب عندنا تفضل من اللّه، فلذلك صح و صفه بانه غفور رحيم. و لو کان الغفران واجباً عند التوبة لم يلق به غفور رحيم.
أَ لَم تَعلَم أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلكُ السَّماواتِ وَ الأَرضِ يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ وَ يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ وَ اللّهُ عَلي كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (40)
قيل فيمن يتوجه هذا الخطاب اليه قولان:
أحدهما- انه متوجه الي النبي (ص) و المراد به امته کما قال «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ».
و الثاني- أنه متوجه الي کل مكلف من النّاس و تقديره: أ لم تعلم يا انسان. و اتصال هذا الخطاب بما قبله اتصال الحجاج و البيان عن صحة ما تقدم من الوعد و الوعيد. و ما ذكره من الأحكام.
و المعني أ لم تعلم يا انسان «أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلكُ السَّماواتِ وَ الأَرضِ» يعني له التصرف فيهما من غير دافع و لا منازع «يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ» إذا کان مستحقاً للعقاب «وَ يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ» إذا عصاه و لم يتب، لأنه إذا تاب، فقد وعد بأنه لا يؤاخذ به بعد التوبة. و عند المخالفة يقبح مؤاخذته بعدها.
فعلي الوجهين معاً لا يعلق ذلک بالمشيئة. و في ذلک دلالة علي أنه قادر علي