الطمع و لا ينافي الارادة کما لا يطمع العاقل في أن يعود في الدنيا شاباً کما کان. و قال أبو علي: إنما يتمنون الخلاص منها قبل دخولها، لما في التمني من التروح، و ليس ذلک من صفة أهلها. و لا يجوز أن يقال في الكلام يريدون أن يستخرجون من النار کما جاز (عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَرضي)[1] لأن أن المخففة من الشديدة لتحقيق كائن في الحال أو الماضي أو المستقبل، و ليس في الارادة تحقيق وقوع المراد لا محالة، کما ليس في الأمر تحقيق وقوع المأمور به، فلذلك لم يجز أمرته أن سيقوم، و جاز أمرته أن يقوم. قوله «وَ ما هُم بِخارِجِينَ مِنها» يعني من جهنم «وَ لَهُم عَذابٌ مُقِيمٌ» أي دائم ثابت لا يزول و لا يحول، کما قال الشاعر:
فان لكم بيوم الشعب مني عذاباً دائماً لكم مقيماً
و روي أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس يا أعمي القلب يا أعمي البصر تزعم ان قوماً يخرجون من النار و قد قال اللّه تعالي: «وَ ما هُم بِخارِجِينَ مِنها»؟ فقال إبن عباس ويحك أ و ما فقهت هذه للكفار!؟.
وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ فَاقطَعُوا أَيدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللّهِ وَ اللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)
آية بلا خلاف.
و قوله «وَ السّارِقُ وَ السّارِقَةُ» قال سيبويه الأجود فيه النصب و مثله «الزّانِيَةُ وَ الزّانِي». و بالنصب قرأ عيسي بن عمر و هو بخلاف ما عليه القراء لا يجوز أن يقرأ به و الوجه الرفع. و مثله «الَّذانِ يَأتِيانِها مِنكُم فَآذُوهُما».