قال الحسن، و مجاهد، و الربيع، و قتادة، و السدي: كانوا يتمنون الموت بالشهادة بعد بدر قبل أحد، فلما رأوه يوم أحد أعرض كثير منهم عنه، فانهزموا فعاتبهم اللّه علي ذلک. و قوله: «فَقَد رَأَيتُمُوهُ» فيه حذف و معناه رأيتم أسباب الموت، لأن الموت لا يري کما قال الشاعر:
و محلما يمشون تحت لوائه و الموت تحت لواء آل محلم
أي أسباب الموت. و قال البلخي: معني «رَأَيتُمُوهُ» أي علمتم، و أنتم تنظرون أسباب الموت من غير أن يکون في الأول حذف. فان قيل هل يجوز أن يتمني قتل المشركين لهم لينالوا منزلة الشهادة! قلنا: لا، لأن قتل المشركين لهم معصية، و لا يجوز تمني المعاصي، کما لا يجوز إرادتها، و لا الأمر بها. فإذا ثبت ذلک، فتمنيهم الشهادة بالصبر علي الجهاد إلي أن يقتلوا. و قال الجبائي: إنما تمنوا الموت دون القتل إذا كانوا مجاهدين. قال الازهري قوله: «رَأَيتُمُوهُ وَ أَنتُم تَنظُرُونَ» معناه و أعينكم صحيحة، کما يقول القائل رأيت كذا، و ليس في عينك سوء. و الفرق بين التمني و الارادة أن الارادة من أفعال رأيت كذا، و ليس في عينك سوء. و الفرق بين التمني و الارادة أن الارادة من أفعال القلوب، و التمني هو قول القائل: ليت کان كذا و ليت لم يكن كذا. و قوله: «وَ أَنتُم تَنظُرُونَ» بعد، قوله «فَقَد رَأَيتُمُوهُ» يحتمل أمرين: