قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيهِم أَربَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرضِ فَلا تَأسَ عَلَي القَومِ الفاسِقِينَ (26)
هذه الآية إخبار من اللّه، و خطاب لموسي (ع) أنَّ قومه قد حرم عليهم دخول بلد الجبارين أربعين سنة، و في كيفية التحريم قولان:
أحدهما- قول أكثر المفسرين: أنه تحريم منع کما قال الشاعر:
جالت لتصرعني فقلت لها اقصري اني امرؤ صرعي عليك محرم
يعني دابته الّتي هو راكبها و يريد بذلك إني فارس لا يمكنك أن تصرعني. و قال أبو علي: يجوز أن يکون المراد به تحريم تعبد- و الأول هو الأظهر- و قال البلخي: يجوز أن يكونوا أمروا بأن يطوفوا فيه أربعين سنة يتيهون في الإرض يعني في المسافة الّتي بينهم و بينها. و قال الربيع: و کان مقداره ستة فراسخ. و قال مجاهد، و الحسن: كانوا يصبحون حيث أمسوا.
و يسمون حيث أصبحوا. و قال الحسن: لم يمت موسي (ع) في التيه. و روي عن إبن عباس أنه مات في التيه علي علم منه فيه. و أما هارون فانه مات قبل موسي في التيه، و کان أكبر من موسي. و استخلف موسي يوشع بعده. و قال:
إن اللّه بعثه نبياً. و في دخوله أيضاً مدينة الجبارين خلاف.
و أصل التيه التحير ألذي لا يهتدي لأجله للخروج عن الطريق الي الغرض المقصود. و أصله الحيرة. يقال: تاه يتيه تيهاً: إذا تحير. و تيهته و توهته، و الياء أكثر. و التيهاء- من الإرض- هي الّتي لا يهتدي فيها. يقال: أرض تيه و تيهاء. قال الشاعر:
تيه أتاويه علي السفاط