يفضله إذا اجتهدا عليها تمام السن منه و الذكاء
و قيل جري المذكيات غلاب اي جري المسار الّتي قد أسنت و معني تمام السن النهاية في الشباب، فإذا نقص عن ذلک أو زاد، فلا يقال له الذكاء. و الذكاء في الفهم أن يکون فهما تاماً سريع القبول و ذكيت النار إنما هو من هذا تأويله أتممت اشعالها فالمعني علي هذا ما ذكيتم أي ما أدركتم ذبحه علي التمام.
و قوله: «وَ ما ذُبِحَ عَلَي النُّصُبِ» فالنصب: الحجارة الّتي كانوا يعبدونها و هي الأوثان. واحدها نصب، و يجوز أن يکون واحداً، و جمعه أنصاب. (و ما) موضعه رفع عطفاً علي ما تقدم. و تقديره و حرم عليكم ما ذبح علي النصب. و به قال مجاهد و إبن جريج، و قتادة. و قال إبن جريج: النصب ليست أصناما الصنم يصور و ينقش، و هذه حجارة تنصب ثلاثمائة و ستون حجراً. و منهم من يقول ثلاثمائة منها لخزاعة، فكانوا إذا ذبحوا نضحوا الدم علي ما أقبل من الميت، و شرحوا اللحم، و جعلوه علي الحجارة. فقال المسلمون: کان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم فنحن أحق أن نعظمه، فانزل اللّه «لَن يَنالَ اللّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها ....
الاية» و قوله: «وَ أَن تَستَقسِمُوا بِالأَزلامِ ذلِكُم فِسقٌ» موضع (ان) رفع.
و تقديره، و حرم عليكم الاستقسام بالأزلام. و واحد الأزلام زلم و زلم قال الراجز:
بات يراعيها غلام كالزلم
و هي سهام كانت للجاهلية مكتوب علي بعضها أمرني ربي، و علي بعضها نهاني ربي، فإذا أرادوا سفرا أو أمراً يهتم به. ضربوا تلك القداح فان خرج السهم ألذي عليه أمرني ربي، مضي لحاجته و إن خرج ألذي عليه نهاني ربي، لم يمض، و إن خرج ما ليس عليه شيء أعادوها فبين اللّه (تعالي) أن ذلک حرام العمل به.
و الاستقسام الاستفعال من قسمت أمري أي قلبته و دبرته قال الراعي:
و تركت قومي يقسمون أمورهم اليك أم يتلبثون قليلا