و استكبروا عن التذلل له، و تسليم ربوبيته يعذبهم عذاباً أليما أي مؤلماً موجعاً، و لا يجدون لهم من دون اللّه ولياً و لا نصيراً. و انما رفع و لا يجدون بالعطف علي ما بعد فيعذبهم و لو جزم علي موضع ما بعد الفاء، کان جائزاً يعني و لا يجد المستنكفون و المستكبرون لأنفسهم ولياً ينجيهم من عذابه، و ناصراً ينقذهم من عقابه.
يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَكُم بُرهانٌ مِن رَبِّكُم وَ أَنزَلنا إِلَيكُم نُوراً مُبِيناً (174)
- آية بلا خلاف- هذا خطاب من اللّه (تعالي) لجميع الخلق من النّاس المكلفين من سائر اصناف الملل الّذين قص قصصهم في هذه السورة من اليهود و النصاري و المشركين «قَد جاءَكُم» يعني أتاكم حجة من اللّه تبرهن لكم عن صحة ما أمركم به، و هو محمّد (صلي اللّه عليه و آله) جعله اللّه حجة عليكم، و قطع به عذركم، «وَ أَنزَلنا إِلَيكُم نُوراً مُبِيناً» يعني و أنزلنا إليكم معه نوراً مبيناً يعني بين لكم المحجة الواضحة، و السبل الهادية إلي ما فيه لكم النجاة من عذاب اللّه و اليم عقابه، و ذلک النور هو القرآن ألذي أنزله اللّه علي محمّد (ص) و هو قول مجاهد، و قتادة و السدي و إبن جريج، و جميع المفسرين. و انما سماه نوراً لنا فيه من الدلالة علي ما امر اللّه به و نهي عنه و الاهتداء به تشبها بالنور ألذي يهتدي به في الظلمات و في الآية دلالة علي أن كلام اللّه محدث، لأنه وصفه بالانزال فلو کان قديماً، لما جاز ذلک عليه.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ اعتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدخِلُهُم فِي رَحمَةٍ مِنهُ وَ فَضلٍ وَ يَهدِيهِم إِلَيهِ صِراطاً مُستَقِيماً (175)
آية.