لَن يَستَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبداً لِلّهِ وَ لا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَ مَن يَستَنكِف عَن عِبادَتِهِ وَ يَستَكبِر فَسَيَحشُرُهُم إِلَيهِ جَمِيعاً (172)
آية.
معني «لَن يَستَنكِفَ المَسِيحُ» لم يأنف. و أصله في اللغة من نكفت الدمع:
إذا نحيته بإصبعك من خدك. قال الشاعر:
فباتوا فلو لا ما تذكر منهم من الخلف لم ينكف لعينيك مدمع
فتأويل «لَن يَستَنكِفَ» لن ينقبض و لن يمتنع. فمعني الآية «لن يستكبر المسيح ان يکون عبداً» بمعني من ان يکون عبداً للّه و لا الملائكة المقربون. و معناه و لا يستنكف الملائكة أيضاً، و لا يأنفون، و لا يستكبرون من الإقرار للّه بالعبودية، و الإذعان له بذلك «المقربون» الّذين قربهم و رفع منازلهم علي غيرهم من خلقه.
و قال الضحاك: المقربون معناه انه قربهم إلي السماء الثانية. و قوله: «وَ مَن يَستَنكِف عَن عِبادَتِهِ وَ يَستَكبِر» معناه من يأنف من عبادة اللّه، و يتعظم عن التذلل و الخضوع له، و الطاعة له من جميع خلقه «فسيحشرهم». و معناه فسيبعثهم يوم القيام جميعاً يجمعهم لموعدهم عنده. و معني إليه إلي الموضع ألذي لا يملك التصرف فيه سواه، کما يقال صار أمر فلان إلي القاضي أي لا يملكه غير القاضي، و لا يراد بذلك المكان ألذي فيه القاضي. و استدل قوم بهذه الآية علي ان الملائكة أفضل من الأنبياء قالوا: لا يجوز أن يقول القائل: لا يأنف الأمير أن يركب إليّ و لا غلامه. و انما يجوز أن يقال: لا يأنف الوزير أن يركب إليّ و لا الأمير، فيعطف بعالي الرتبة علي الأدون، و لا يعطف بالادون علي الأعلي. و هذا ألذي ذكروه لا دلالة فيه من وجوه:
أحدها- ان يکون هذا القول متوجهاً إلي قوم اعتقدوا أن الملائكة أفضل من الأنبياء، فأجري الكلام علي اعتقادهم، کما يقول القائل لغيره: لا يستنكف أبي من