يجهر له بالسوء حتي يفزع. (و من) علي هذا القول في موضع نصب و المعني لا يحب اللّه الجهر أن يجهر أحد لاحد من المنافقين بالسوء من القول إلا من ظلم منهم فأقام علي نفاقه، فانه لا بأس بالجهر بالسوء من القول. قال الزجاج: و فيه وجه آخر لم يذكره النحويون و هو أن يکون الا من ظلم، لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول، و هو استثناء ليس من الاول. و هذا ألذي ذكره هو قول إبن زيد بعينه. و قال الفراء: موضع (من) نصب في القراءتين معاً. و يجوز الرفع علي تقدير لا يحب اللّه أن يجهر بالسوء الا المظلوم. و قال البلخي: کان الضحاك يقول: فيه تقديم و تأخير و التقدير ما يفعل اللّه بعذابكم إن شكرتم و أمنتم إلا من ظلم بفتح الظاء ثم قال: لا يحب اللّه الجهر بالسوء من القوم علي کل حال. قال البلخي: و يجوز أن يکون (إلا) بمعني الواو، كأنه قال: لا يحب اللّه الجهر بالسوء، و لا من ظلم، فانه لا يحب الجهر بالسوء منه. و قال قطرب: يجوز أن يکون المراد به المكره في قوله: «إِلّا مَن ظُلِمَ» لأنه إذا اكره علي الجهر بالسوء من القول، فلا شيء عليه.
و القراءة المعروفة أولي بالصواب، لان هذه شاذة.
و التأويل فيه لا يحب اللّه ان يجهر احد لاحد بالسوء من القول إلا من ظلم، فلا حرج عليه أن يخبر بما اسيء اليه. و تكون (من) في موضع نصب لانقطاعها عما قبلها، فانه لا اسماء قبله يستثني منها. و هو مثل قوله: «لَستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِرٍ إِلّا مَن تَوَلّي وَ كَفَرَ» و قوله: «وَ كانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً» يعني سميعاً لما يجهرون من سوء القول لمن يجهرون له، و غير ذلک من كلامكم و أصواتكم عليما بما تخفون من سوء قولكم و كلامكم لمن يخفون له به فلا يجهرون يحصي ذلک كله عليكم فيجازي علي ذلک کل المسيء بإساءته. و المحسن بإحسانه.
إِن تُبدُوا خَيراً أَو تُخفُوهُ أَو تَعفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (149)