قيل. في معني الآية ثلاثة أقوال:
أحدها- قال الحسن، و الضحاك معناها، أ فمن اتبع رضوان اللّه في ترك الغلول كمن باء بسخط من اللّه في فعل الغلول، و هو اختيار الطبري قال: لأنه أشبه بما تقدم.
الثاني- قال إبن إسحاق «أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضوانَ اللّهِ» في العمل بطاعته علي ما كره النّاس «كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ» في العمل بمعصيته علي ما أحبوا.
الثالث- قال الزجاج، و أبو علي: «أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضوانَ اللّهِ» بالجهاد في سبيله «كَمَن باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ» بالفرار منه رغبة عنه.
و
سبب نزولها أن النبي (ص) لما أمر بالخروج إلي أحد قعد عنه جماعة من المنافقين، فأنزل اللّه فيهم هذه الآية.
«رِضوانَ اللّهِ»- بكسر الراء و ضمها- لغتان، و قرأ بالضم حفص عن عاصم علي ما حكيناه عنه، فالضم علي وزن الكفران. و الكسر علي وزن حسبان.
و باء معناه رجع تقول: باء بذنبه يبوء بوءاً إذا رجع به. و بوأته منزلا أي هيأته، لأنه يرجع إليه، لأنه مأواه. و البواء قتل الجاني بمن قتله. و السخط من اللّه من هو إرادة العقاب بمستحقه، و لعنه و هو مخالف للغيظ، لأن الغيظ هو هيجان الطبع و انزعاج النفس، و لا يجوز إطلاقه علي اللّه تعالي. و المصير: هو المرجع.
و الفرق بينهما أن المرجع هو انقلاب الشيء إلي حال قد کان عليها. و المصير: انقلاب الشيء إلي خلاف الحال الّتي هو عليها نحو مصير الطين خزفاً، و لم يرجع خزفاً، لأنه لم يكن قبل ذلک خزفاً، فأما مرجع الفضة خاتماً فصحيح، لأنه قد کان قبل خاتماً و أما مرجع العباد إلي اللّه، فلأنهم ينقلبون إلي حال لا يملكون فيها لأنفسهم شيئاً، کما كانوا قبل ما ملكوا.