هم المحتاجون إليه (حميداً) يعني مستوجب الحمد عليكم بصنائعه الحميدة إليكم، و آلائه الجميلة، فاستدعوا ذلک باتفاء معاصيه، و المسارعة إلي طاعته فيما يأمركم به و هذه الجملة مروية عن علي (عليه السلام) و هو قول جميع المفسرين، ثم قال:
«وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ» بمعني له ملك ما فيهما، و هو القيم بجميعه و الحافظ له لا يغرب عنه علم شيء و لا يؤوده حفظه و تدبيره «وَ كَفي بِاللّهِ وَكِيلًا» يعني كفي اللّه حافظاً. فان قيل لم كرر قوله: «وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ» الآيتين، إحداهما عقيب الاخري! قلنا: لاختلاف الخبرين: الاول في الآية الاولي عن حاجة الخلق إلي بارئه، و غناه تعالي عن خلقه، و في الثانية حفظ اللّه تعالي إياهم و علمه بهم، و تدبيره لهم فان قيل: هلا قال: و کان اللّه غنياً حميداً أو كفي به وكيلا! قيل: ما ذكره في الآية الاولي يصلح ان يختم به وصف اللّه تعالي بالغناء و أنه محمود، و لم يذكر فيها ما يقتضي وصفه بالحفظ و التدبير، فلذلك كرر قوله: «وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ».
و قوله: «إِن يَشَأ يُذهِبكُم» معناه، ان يشأ اللّه ايها النّاس ان يهلككم، و يفنيكم و يأت بقوم آخرين غيركم ينصرون نبيه محمّد (ص) و يؤازرونه، کان اللّه تعالي علي ذلک قديراً، فوبخ تعالي بهذه الآيات الخائنين الّذين خانوا الدرع[1] و ساعدوهم علي ذلک، و دافعوا عنهم و حذر أصحاب النبي (ص) أن يكونوا مثلهم و ان يفعلوا فعل المرتد منهم في ارتداده و لحاقه بالمشركين و بين أن من فعل ذلک لا يضر إلا نفسه، لأنه المحتاج إليه (تعالي) و غناه عنه (عز و جل) و عن جميع الخلق
و روي عن النبي (ص) انه لما نزلت هذه الآية ضرب بيده علي ظهر سلمان، فقال: هم قوم هذا رواه ابو هريرة عن النبي (ص)
، ثم أخبر (تعالي) من کان ممن أظهر الايمان بمحمد (ص) من أهل النفاق الّذين يبطنون الكفر، و يظهرون الايمان. يريد ثواب الدنيا يعني عرض الدنيا بإظهاره بلسانه في الايمان، «فَعِندَ اللّهِ ثَوابُ الدُّنيا» يعني جزاؤه في الدنيا منها، و ثوابه فيها هو ما يأخذ من الفيء و الغنيمة إذا شهد مع