لما أمر اللّه تعالي المؤمنين بقتال الّذين لا يهاجرون عن بلاد الشرك حيث وجدوهم، و ألا يتخذوا منهم ولياً و لا نصيراً استثني من جملتهم من وصل منهم إلي قوم بينكم و بينهم موادعة، و عهد و ميثاق، فدخلوا فيهم و صاروا منهم. و رضوا بحكمهم فان لمن وصل إليهم و دخل فيهم راضياً بحكمهم حكمهم في حقن دمائهم بدخوله فيهم. و المعني بقوله: «إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ» بنو مدلج، و کان سراقة بن مالك بن جعشم[1] المدلجي جاء إلي النبي (ص) بعد أحد، فقال له: أنشدك اللّه و النعمة.
و أخذ منه ألا يغزو قومه، فان أسلمت قريش أسلموا، لأنهم كانوا في عقد قريش، فحكم اللّه فيهم ما حكم في قريش، و حرم منهم ما حرم منهم، ففيهم نزلت هذه الآية- علي ما ذكره بن شبة-.
و قال أبو جعفر (ع) قوله تعالي: «إِلي قَومٍ بَينَكُم وَ بَينَهُم مِيثاقٌ» قال: هو هلال بن عويمر السلمي. واثق عن قومه ألا تخفيف يا محمّد من أتاك و لا نخيف من أتانا.
و بمثل هذا التأويل قال السدي، و إبن زيد، و عكرمة و قال أبو عبيدة «يصلون» بمعني ينتسبون إليهم. و العرب تقول قد اتصل الرجل: إذا انتمي إلي قوم و قال الأعشي يذكر امرأة انتسبت إلي قومها:
إذا اتصلت قالت: أ بكر بن وائل و بكر سبتها و الأنوف رواغم[2]
[1] في المخطوطة (إبن جعيثم) و في مجمع البيان (إبن خثعم) و قد أثبتنا ما في المطبوعة و الطبري و اكثر التفاسير، و كتب الرجال. [2] ديوانه: 81 رقم القصيدة 9. و مجاز القرآن 1: 136، و اللسان (وصل).
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 3 صفحه : 285