قوله: «أ لم تر» معناه أ لم ينته علمك إلي هؤلاء تعجيباً من ذلک. و لو قال:
أ لم تر هؤلاء أو أ لم تعلم هؤلاء لم يظهر فيه معني التعجب منهم کما يظهر ب (إلي)، لأنها تؤذن بحال بعيدة قد لا ينتهي إليها، لبعدها، لما فيها من العجب ألذي يقع بها. و قوله: «الَّذِينَ قِيلَ لَهُم كُفُّوا أَيدِيَكُم» يعني حين طلبوا القتال و قيل لهم:
اقتصروا علي اقامة الصلاة و إيتاء الزكاة «فَلَمّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتالُ» يعني الجهاد «إِذا فَرِيقٌ مِنهُم» يعني جماعة «يَخشَونَ النّاسَ كَخَشيَةِ اللّهِ» قال الحسن: هو من صفة المؤمنين لما طلبوا عليه من البشرية و الخوف، لا علي وجه كراهة المخالفة.
و قال أبو علي: هو من صفة المنافقين، لأنهم كانوا كذلك حرصاً منهم علي الدنيا و البقاء فيها و الاستكثار منها و قال يخشون القتل من قبل المشركين کما يخشون الموت من قبل اللّه. و قوله: «أَو أَشَدَّ خَشيَةً» ليس معني (أو) هاهنا الشك، لأن ذلک لا يجوز عليه تعالي. و قيل في معناها قولان:
أحدهما- أنها دخلت للإبهام علي المخاطب. و المعني أنهم علي احدي الصفتين.
و هذا أصل (أو) و هو معني واحد علي الإبهام.