اللّه کما قال «مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطاعَ اللّهَ»[1] فأما المعرفة بأنه رسول، فمعرفة بالرسالة و لا يتم ذلک إلا بعد المعرفة باللّه، و ليست إحداهما هي الأخري، و طاعة الرسول واجبة في حياته و بعد وفاته، لأن بعد وفاته يلزم اتباع سنته، لأنه دعا إليها جميع المكلفين إلي يوم القيامة، کما أنه رسول إليهم أجمعين. فأما أولو الأمر، فللمفسرين فيه تأويلان.
أحدهما- قال أبو هريرة، و في رواية عن إبن عباس، و ميمون بن مهران، و السدي و الجبائي، و البلخي، و الطبري: إنهم الامراء.
الثاني- قال جابر بن عبد اللّه، و في رواية أخري عن إبن عباس، و مجاهد، و الحسن، و عطاء، و أبي العالية: انهم العلماء.
و روي أصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (ع) أنهم الأئمة من آل محمّد (ص)
فلذلك أوجب اللّه تعالي طاعتهم بالإطلاق، کما أوجب طاعة رسوله و طاعة نفسه كذلك. و لا يجوز إيجاب طاعة أحد مطلقاً إلا من کان معصوماً مأموناً منه السهو و الغلط، و ليس ذلک بحاصل في الامراء، و لا العلماء، و إنما هو واجب في الأئمة الّذين دلت الأدلة علي عصمتهم و طهارتهم، فأما من قال المراد به العلماء، فقوله بعيد، لأن قوله «وَ أُولِي الأَمرِ» معناه أطيعوا من له الأمر، و ليس ذلک للعلماء، فان قالوا: يجب علينا طاعتهم إذا كانوا محقين، فإذا عدلوا عن الحق فلا طاعة لهم علينا. قلنا: هذا تخصيص لعموم إيجاب الطاعة لم يدل عليه دليل. و حمل الآية علي العموم، فيمن يصح ذلک فيه أولي من تخصيص الطاعة بشيء دون شيء کما لا يجوز تخصيص وجوب طاعة الرسول و طاعة اللّه في شيء دون شيء. و قوله: «فَإِن تَنازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللّهِ وَ الرَّسُولِ» فمعني الرد إلي اللّه هو إلي كتابه و الرد إلي رسوله هو الرد إلي سنته. و قول مجاهد، و قتادة، و ميمون بن مهران، و السدي: و الرد إلي الأئمة يجري مجري الرد إلي اللّه و الرسول، و لذلك قال في آية أخري «وَ لَو رَدُّوهُ إِلَي الرَّسُولِ وَ إِلي أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم»[2] و لأنه إذا کان