صفة تعظيم و تنزيه عن فعل ما يقدر عليه من الظلم، و لو لم يكن قادراً عليه لما کان فيه مدحة، غير أنه و إن کان قادراً عليه فانه لا يفعله لعلمه بقبحه، و بأنه غني عنه، و لأنه لو فعل لكان ظالماً، لأن الاشتقاق يوجب ذلک و ذلک منزه عنه تعالي.
فَكَيفَ إِذا جِئنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئنا بِكَ عَلي هؤُلاءِ شَهِيداً (41)
- آية-
«كيف» لفظها لفظ الاستفهام، و معناها هاهنا التوبيخ، و التقدير فكيف يکون حال هؤلاء يوم القيامة، و حذف لدلالة الكلام عليه. و العامل في «كيف» الابتداء المحذوف، لأن التقدير: كيف حالهم، علي ما بيناه. و إنما جاز خروج كيف عن الاستفهام إلي التوبيخ لأنه يقتضي إقرار العبد علي نفسه بما کان من قبيح عمله، کما يقتضي الجواب في الاستفهام، و لا يجوز أن يکون العامل في «كيف» «جئنا» لاضافة «إذا» إليه و المضاف إليه لا يعمل فيما قبله کما لا تعمل الصلة فيما قبل الموصول، لأنه من تمام الاسم.
و الشهادة تقع يوم القيامة من کل نبي بأنه بلغ قومه ما تقوم به عليهم الحجة، و أنه أدي ما تقوم به الحجة عليها من مراد اللّه، هذا قول عبد اللّه، و إبن جريح، و السدي. و قال الجبائي: يشهد عليهم بأعمالهم. و قال الزجاج، و الطبري: يشهد لهم و عليهم بما عملوه، و وجه حسن الشهادة ما في ذلک من اقامة الحجة عليهم، فيستجيبون عند تصور تلك الحال من خزي ذلک المقام، و في ذلک أكبر الاتعاظ.
و روي عن إبن مسعود أنه قرأ علي النبي (ص) سورة النساء فلما بلغ «فَكَيفَ