لأنه أمر لغائب. قال أبو علي الفارسي. كلاهما جيد، إن ترك الهمزة و إثباتها.
و قيل في سبب نزول هذه الآية
أن أم سلمة قالت: ( يا رسول اللّه لا نغزو مع الرجال، و لنا نصف الميراث، يا ليت كنا رجالا، فكنا تقاتل معهم) فنزلت هذه الآية
، في قول مجاهد. و قال الزجاج: قال الرجال: ليتنا كنا فضلنا في الآخرة علي النساء، کما فضلنا عليهن في الدنيا، و به قال السدي.
و التمني هو قول القائل: ليت کان كذا لما لم يكن، و ليت لم يكن كذا لما کان. و في النّاس من قال: هو معني في القلب. و قال الرماني: هو ما يجب علي جهة الاستمتاع به، و من قال: هو معني في القلب قال: ليس هو من قبيل الشهوة، و لا من قبيل الارادة، لأن الارادة لا تتعلق إلا بما يصح حدوثه، و التمني قد يتعلق بما مضي، و الشهوة أيضاً كالارادة في أنها لا تتعلق بما مضي.
و ظاهر الخطاب يقتضي تحريم تمني ما فضل اللّه به بعضنا علي بعض و قال الفراء: هو علي جهة الندب و الاستحباب، و الاول هو حقيقة التمني، و ألذي قلناه هو قول أكثر المفسرين، و وجه تحريم ذلک أنه يدعو الي الحسد، و أيضاً فهو من دنايا الأخلاق، و أيضاً فان تمني الإنسان لحال غيره قد يؤدي الي تسخط ما قسم اللّه له، و لا يجوز لأحد أن يقول ليت مال فلان لي، و إنما يحسن أن يقول: ليت مثل لي.
و قال البلخي: لا يجوز للرجل أن يتمني أن کان امرأة، و لا للمرأة أن تتمني لو كانت رجلا، بخلاف ما فعل اللّه، لأن اللّه لا يفعل من الأشياء إلا ما هو أصلح، فيكون قد تمني ما ليس بأصلح، أو ما يکون مفسدة. و يمكن أن يقال: إن ذلک يحسن بشرط أن لا يکون مفسدة، کما يقول في حسن السؤال سواء.