النِّساءَ كَرهاً»[1] لأن ما قبله مقرون بالوعيد.
و قوله: «وَ كانَ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيراً» معناه: أنه قادر علي إنجاز الوعيد، لا يمكن صاحبه الامتناع منه، و لا الهرب منه، فيتعذر الإيقاع به، فيجب أن تنزلوا الوعيد منزلته، و تكونوا علي بصيرة فيه، غير مغترين بأمر يصرف عنه، و إنما قيد قوله: «وَ مَن يَفعَل ذلِكَ عُدواناً وَ ظُلماً» لأن من وقع منه قتل النفس علي وجه السهو و الخطأ في خلاف المراد، لم يتناوله الوعيد، و كذلك إذا أكل من أموال النّاس علي وجه مباح، لم يتوجه إليه الوعيد. و العدوان تجاوز ما أمر اللّه به، و الظلم أن يأخذه علي غير وجه الاستحقاق، و أصله وضع الشيء في غير موضعه. و في المرجئة من قال: إنما قيد بذلك لأن المراد من استحل أكل المال بالباطل، و استحل أيضاً قتل النفوس، و ذلک لا يکون إلا كافراً، فلذلك هدده بالوعيد المخصوص، فأما إذا فعل ذلک محرماً له، فانه يجوز أن يعفو اللّه عنه، فلا يتناوله الوعيد قطعاً علي کل حال، و لو لم تحمل الآية علي المستحلين، لأمكننا أن نخص الآية بمن لا يعفو اللّه عنه، کما أنهم لا بد لهم ان يخصوها بمن لم يتب من ذلک و لا تكون معصية صغيرة، فليس في الآية ما يمنع من القول بجواز العفو.
و إنما قال: «وَ كانَ ذلِكَ عَلَي اللّهِ يَسِيراً» و إن کان يسيراً عليه الآن و في مستقبل الأوقات، ليعلم أن الأوقات متساوية في ذلک علي کل حال، و لا يجوز أن يقال قياساً علي ذلک و کان اللّه قديماً، لأن قولنا قديم أغني عن کان، إذ لم يختص بالحال بل أفاد الوجود في الأزل، فلا معني لادخال کان فيه. و اليسير السهل، يقال: يسير الشيء إذا سهل فهو يسير، و عسر فهو عسير، إذا لم يتسهل.
إِن تَجتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئاتِكُم وَ نُدخِلكُم مُدخَلاً كَرِيماً (31)