و يجوز الرفع علي أنه اسم (کان) و قد قرئ به في الشواذ. و مثله قوله:
«ما كانَ حُجَّتَهُم إِلّا أَن قالُوا»[1] «وَ ما كانَ جَوابَ قَومِهِ إِلّا أَن قالُوا»[2] و قوله:
«وَ ثَبِّت أَقدامَنا» أي أعنا و ألطف لنا بما تثبت معه أقدامنا و إن کان ثبوت القدم من فعل العباد لكن لما کان بلطفه و معونته جاز نسبته إليه مجازا.
فَآتاهُمُ اللّهُ ثَوابَ الدُّنيا وَ حُسنَ ثَوابِ الآخِرَةِ وَ اللّهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ (148)
قوله: «فَآتاهُمُ اللّهُ» يعني من تقدم ذكره من الربيين الّذين وصفهم. و قال الجبائي: يعني به المسلمين الّذين صفتهم ما تقدم ذكره أي أعطاهم اللّه ثواب الدنيا قال قتادة، و الربيع: هو نصرهم علي عدوهم حتي ظفروا بهم، و قهروهم. و «ثَوابِ الآخِرَةِ»: الجنة. و زاد إبن جريج الغنيمة. و يجوز أن يکون ما آتاهم اللّه في الدنيا من الظفر و النصر و أخذ الغنيمة ثواباً مستحقاً لهم علي طاعاتهم، لأن في ذلک تعظيما لهم و تبجيلا، و لذلك تقول: إن المدح علي أفعال الطاعة و التسمية بالأسماء الشريفة بعض الثواب، و يجوز أن يکون اللّه تعالي أعطاهم ذلک تفضلا منه تعالي، أو لما لهم فيه من اللطف، فتكون تسميته بأنه ثواب مجازاً. و حد الثواب هو النفع الخالص المستحق ألذي يقارنه تعظيم و تبجيل، و العوض هو النفع المستحق الخالي من التعظيم و التبجيل، و التفضل هو النفع ألذي ليس بمستحق و لا معه تعظيم و تبجيل.
و انما جاز تأخير الثواب المستحق مع ثبوت الاستحقاق له عقيب الطاعة لامرين:
أحدهما- قال أبو علي: لأنه يوفر عليه ما يفوته في زمان التكليف إلي خير الثواب. و قال الرماني: لأنه إذا أخر عظم ما يستحقه بالتأخر علي ما کان